You are currently viewing الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )

الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )

تحظي الأمة المحمدية بهبة وهبها الله لها وهى العلماء الذين هم نجوم للمهتدين وأنوار للسائلين، وهم أيضاء كالشمس للدنيا، والعافية للبدن؛ قال عبدالله بن أحمد: قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي؛ فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟! قال: يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟ وقد صدق وليس الشافعي وحده بل هناك الكثير من العلماء الذين أنعم الله عليهم بعلمه كي ينيروا طريق الناس قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ومعناها أن الخشية تأتي كامله إلى الله عز وجل من العلماء لأن العلم وبكل أنواعه مثبت لكلام الله ومؤكد للدين فلذالك كان العلماء أو من يخشون الله وأيضا لهم الثواب العظيم عند الله عز وجل وفي هذه المقاله سوف نتحدث عن نجم من هذه النجوم أنتشر نور علمه علي سائر المسلمين أنه الإمام الزهري التابعي رحمه الله

اسمه ونسبه ومولده رحمه الله

إنه التابعي الجليل: محمد بن عبدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام، العَلَم، حافظ زمانه، أبو بكر القرشي الحافظ الفقيه، الزهري، المدني، نزيل الشام، أحد الأئمة الأعلام، فمنه النسب النبوي الشريف من ناحية أبيه ولا عجب من ذلك فواحد مثله يستحق أن يتصل نسبه بالنبي الهاشمي محمد صلى الله عليه وسلم ولد في المدينة المنورة سنه 58

نشأته وطلبه للعلم رحمه الله

ولد الزهري التابعي في مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وكان العلماء متوافرون فيها ممن بقي من الصحابة، ومن التابعين الأعلام، وكانت هذه البيئة محفز كبير له لترغيبه في طلب العلم فراح يشرب من بحور علم الصحابة والتابعين ويستقي العلم من منابعه وساعد في ذلك ما وهبه الله له تعالى من قوة حفظ عليه فقد ذكر عنه انه حفظ القران  في نحو ثمانية وثمانين يوما

موهبة الإمام الزهري التابعي في الحفظ

كان الزهري التابعي يدور علي مشايخ الحديث في زمانه ومعه ألواح يكتب فيها الحديث، ويكتب منهم كل ما سمع حتى صار أعلم الناس في زمانه ولم يكن يكتب فقط رحمه الله بل كان يكتب ويحفظ ويكثر من تكرار ما حفظه، وتلك وسيله من وسائل تثبيت المحفوظات، فقد كان رحمه الله آية من آيات الله في سرعة الحفظ، ونعم من نعم الله على هذه الأمه.

فقد حفظ رحمه الله حديث رسولها صلى الله عليه وسلم، فلذلك كثر عدد طلابه الأخذون من علمه الغزير ومن قرأ في ترجمة أعماله يرى أن هنا العدد الكثير من الرواه الذين أخذوا عنه حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ولم يكن رحمه الله حافظا للحديث والمسائل حفظا مجردا، لا بل كان يجمع بين الحفظ والفهم وجودة الأستنباط منها ومن باب التحدث عن نمعة الله عليه فقد قال عن نفسه يوما “ما استودعت قلبي شيئًا قط فنسيته” ويقول أيضًا: “ما استعدت حديثًا قط، وما شككت في حديث إلا حديثًا واحدًا، فسألت صاحبي، فإذا هو كما حفظت”

علم الإمام الزهري التابعي وفضله علي الأمه

كان الإمام الزهري التابعي رحمه الله بحرا في العلم وبحرا في سخائه وكرمه أيضا لما أنعم الله عليه من نعم فقد كان حريص كل الحرص علي طلب العلم من الشيوخ ومجلستهم والأخذ عنهم فكان له الفضل الكبير في نشر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشره بين الناس.

ولم يأتي ذلك من فراغ فقد كان تاريخ هذا العلم الكبير حافل بالمواقف العظيمة التي تبين ما فضل وكرم الله عليه بأن أنعم عليه هذه النعم والميز وفضل وكرمه علي الأمه بأن وهب إلينا هذا العالم الجليل ليصون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويساعد في نشر العلم بين الناس.

ولا عجب في ذلك، فقد قال عنه الليث: “ما رأيت عالِمًا قط أجمع من ابن شهاب، ولو سمعتَه يحدث في الترغيب والترهيب، لقلت: ما يحسن غير هذا، وإن حدث عن الأنبياء وأهل الكتاب، قلت: لا يُحسن إلا هذا، وإن حدث عن الأعراب والأنساب، قلت: لا يُحسن إلا هذا، وإن حدَّث عن القرآن والسنة، كان حديثه بدعًا جامعًا”

ثناء العلماء عليه رحمه الله

أثنى الكثير من العلماء عليه رحمه الله وذلك لعلو مكانته وتفوقه الكبير في حفظ حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فعن جعفر بن ربيعة قال: قلت لعراك بن مالك: من أفقه أهل المدينة؟ قال: أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقضايا أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأفقههم فقهًا، وأعلمهم بما مضى من أمر الناس، فسعيد بن المسيب، وأما أغزرهم حديثًا فعروة، ولا تشاء أن تفجر من عبيدالله بن عبدالله بحرًا إلا فجَّرته، وأعلمهم عندي جميعًا ابن شهاب؛ فإنه جمع علمهم جميعًا إلى علمه”

وعن عمرو بن دينار قال: ما رأيت أحداً أبصر للحديث من ابن شهاب،وقال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: هل تأتون ابن شهاب؟ قالوا: إنا لنفعل قال: فأتوه فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه، وقال سعيد بن عبدالعزيز عنه: “ما كان إلا بحرًا”، وقال سفيان: “كان الزهري أعلم أهل المدينة”، وقيل لمكحول: “مِن أعلم مَن لَقيت؟ قال: ابن شهاب، قيل: ثم من قال: ابن شهاب، قيل: ثم من؟ قال: ابن شهاب”

وكل ثناء هؤلاء العلماء يبين لنا مدا عظم هذا العالم وفضل الله عليه ونعمه التي أنعمها عليه بإن جعله سببا لنصر الدين وما كل هذا العلم الواسع  والثناء من العلماء والملوك إلا أنه كان متواضعا يعرف لغيره قدره فقد قال في حق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة

“كنتُ أحسَب أني قد أصبتُ من العلم، حتى جالست عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، فكأنما كنت في شعب من الشعاب” أي أنني مهما بلغت من العلم فهناك من هم مثلي في العلم والمكانه وهذا هو التواضع الذى تحلا بيه رحمه الله طيلة حياته.

قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )

مواقف من حياة الإمام الزهري التابعي في طلب العلم

لم يبلغ الأمام الزهري التابعي هذه المكانه من فراغ بل أنه جد وأجتهد وتعب كثيرا كي يصل إلي ما وصل إليه من العلم الغزير والبحر الكبير فقد كان من توفيق الله له أنه التقى ببعض الصحابه وسمع منهم ومنهم: ابن عمر، وجابر بن عبدالله، والمسور بن مخرمة، وعبدالله بن جعفر رضي الله عنهم.

غير أنه كان أقدم طلبة الأمام سعيد بن المسيب فقد كان له الفضل الكبير عليه بعد الله عز وجل فقد لأزمه وتعلم منه فتره ليست بالقليله، فقد جالسه ثمان سنين تمس ركبته ركبة الأم، ولقد كابد التابعي الزهري من أجل نيل العلم وصبر حتى بلغ ما يرجو بلوغه.

ولقد كان ذا أدب جم مع شيوخه صابرا علي شدة بعضهم فقد قال الليث بن سعد للزهري “لو وضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفًا، قال: والله، ما نشر أحد العلم نشري، ولا صبر عليه صبري، ولقد كنا نجلس إلى ابن المسيب، فما يستطيع أحد منا أن يسأله عن شيء إلا أن يبتدئ الحديث، أو يأتي رجل يسأله عن شيء قد نزل به”

قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة

انجازاته في خدمة الإسلام وماذا ترك لنا؟

ترك لنا الأمام الزهري التابعي كنز لا يفتي فلقد أفني حياته كلها يجمع فيه لكي يأتي لنا اليوم الذي نأخذ فيه من علمه فلقد روى الزهري التابعي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم نحو 2200 حديث.

مرتبته عند ابن حجر: فقيه حافظ، مرتبته عند الذهبي: أحد الأعلام ومن أشهر كتبه كتاب مرويات الإمام الزهري في المغازي وظل رحمه الله ينقل الحديث ويتنقل به فقد قال عن نفسه ذات مره يقول: مكثت خمسا وأربعين سنة أنقل أحاديث أهل الشام إلى الحجاز، وأحاديث أهل الحجاز إلى الشام، فلم أجد أحدا يطرفني بحديث لم أسمعه.

وقال ابن أخ الزهري: إن عمه الزهري جمع القرآن في ثمانين ليلة. وروي عن أحمد بن صالح أنه قال: كان يقال: فصحاء زمانهم ثلاثة: الزهري، وعمر بن عبد العزيز، وموسى بن طلحة بن عبيد الله فرضي الله عنهم أجمعين.

قد يهمك أيضا: سليمان بن يسار (علمه – انجازاته – مواقف من حياته)

فاته الزهري التابعي رحمه الله

لكل شئ في هذه الدنيا نهايه لن كل شئ يفني ولا شئ يبقي سوى الله عز وجل لقوله تعالي (كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) صدق الله العظيم

لذا يجب علينا أن نسعي في الدنيا لكي نترك خلفنا السيره الطيبه فلن يبقي لنا شئ في الأخره سوئ العمل الصلاح وفي الدنيا السيرة الطيبه فقد توفي الزهري التابعي رحمه الله ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة (124هـ)

وقد كان له ارض في شغب وهو مكان في اخر الحجاز وأول حد فلسطين ذهب إليها فمرض بها وتوفاه الله وفيها قبره وقد أوصى الزهري رحمه الله أن يدفن هناك علي قارعة الطريق ليدعوا له المارة  وترك لنا العلم الكثير وهذا ما تركه لنا هذا العالم الجليل.

فقد ترك لنفسه سيرة طيبه بين الناس وكتبا تدرس إلي الأن ويكفي أنه إلي الأن يذكر أسمه ولم ينسي فلله الحمد في كل أمر وجعل الله أعماله في الخير كلها في ميزان حسناته وغفر الله له والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد يهمك أيضا: سعيد بن المسيب ( نسبه – طلبه للعلم -انجازاته – وفاته)

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مصدر 4

كتاب: الأمام الزهري محمد بن مسلم

كتاب: البداية والنهاية لابن كثير

المكتبة الشاملة

This Post Has 21 Comments

اترك تعليقاً