You are currently viewing ابن منده ونبذة عن سيرته العطرة

ابن منده ونبذة عن سيرته العطرة

لقد آمن الكثير من المحدثين أن قول رسول الله صلي الله عليه وسلم يستحق البقاء لا الاندثار، ولذلك فقد ساهموا في بقاؤه بروايتهم له، ويعتبر ابن منده واحداً من أبرز هؤلاء المحدثين الذين ساهموا في خلود الحديث النبوي الشريف، وخلال هذه المقالة سنتعرف عليه بشئ من التفصيل.

ابن منده

هو الإمام والمحدث الحافظ صاحب التصانيف أبو عبد الله مُحمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي الأصبهاني كان واحداً ممن حفظوا الحديث النبوي الشريف ونقلوه وتنقل وترحل ابن منده كثيرا في جمع الحديث النبوي وطلب العلم كثيراً خلال حياته، روى ابن منده كثيراً من الأحاديث النبوبة الشريفة وبالرغم من ذلك فقد كان يؤخذ عليه روايته لبعض الأحاديث الموضوعة أو المضعفة.

 مولده ونشأته

ولد ابن منده عام 922 بأصفهان ونشأ نشأة دينية فكان ممن يجالسون العلماء والشيوخ فأخذ عنهم علماً جماً، فحفظ منذ نشأته القرآن الكريم حفظاً دقيقاً وعرف تفسيره فكان ممن يحضرون جلسات التفسير في المساجد والتي كثرت في أصفهان حينها فكانت من البلاد التى أنعمت بالعلم الديني وكانت منارة له، كما اهتم ابن مندة أيضاً خلال نشأته بدراسة الفقه فجالس فقهاء الإسلام في أصفهان ولازمهم وأخذ الكثير من العلم عنهم في الفقه، أما الحديث فكان هو ما أحب دراسته فحفظ الكثير من الأحاديث النبوية في حداثته فكان ابن منده واحداً من أبرز من لازموا المحدثين وأصغرهم سناً حتي أخذ عنهم منذ نشأته علماً جماً قد ظهر ذلك العلم الذي أخذه في نشأته فيما كتب من مؤلفات هامة فظر إبداعه ورونقه والعلم الكثير الذي كان ابن منده ينعم به خلال حياته والذي تركه حتي بعد موته.

علم ابن منده

تعلم ابن منده العلم واجتهد في تعلمه فكان ممن يحبون الدرس والحديث، بداية من والده الذي حبب العلم إليه فقد جالس الكثير من الفقهاء والأئمة والعلماء خلال مسيرته الحياتية، فأحب ابن مندة تعلم الفقه وجالس الفقهاء الذين كانوا يلقون خطبهم بأصفهان وغيرها من البلاد الذي رحل اليها، كما كان ابن منده من محبي القرآن الكريم وتفسيره فدرس القرآن الكريم وتفسيره دراسة متقنه ، أما الحديث فكان ذرة علم ابن منده حيث حفظ الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة عن شيوخ تعد بالألاف المؤلفه كما ذكر عنه أحد العلماء، فقد كانت شخصية ابن مندة شخصية علمية ودينية جليلة تستحق الدراسة.

أقوال العلماء فيه

  • قال الذهبي فيه: إن ابن مندة هو الإمام الحافظ الجوال، فقد كان محدث الإسلام، وقد كان أول سماعه في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وكان حينها صغيراً، ولا أعلم أحدا كان أكثر حديثا منه مع الحفظ والثقة ولا أوسع رحلة منه، فبلغنا أن عدة شيوخه الذي أخذ عنهم العلم ألف وسبعمائة شيخ، ولم يعمر ابن مندة كثيرا بل عاش أربعا وثمانين سنة فقط.
  • وقال عنه الباطرقاني: لقد حدثنا أبو عبد الله بن منده وقد كان إمام الأئمة في الحديث النبوي الشريف، لقَّاه الله رضوانه.
  • وقال فيه أبو علي الحافظ: بنو منده هم أعلام الحفظ والتدين في الدنيا قديماً وحديثاً، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟ وقيل أيضاً: إنه حين ذكر ابن منده لأبا نعيم الحافظ، فقال عنه: لقد ابن منده جبلا من الجبال.
  • وقد قال عنه الباطرقاني : لقد سمعت يوماً ما أبا عبد الله يقول : ” لقد طفت الشرق والغرب مرتين في حياتي “
  • وقال الذهبي عنه: فهذا يقوله أبو نعيم الأصبهاني بالرغم من الوَحشة التي بينه وبينه.
  • وقال عنه أبو نعيم في كتابه العظيم “تاريخ أصبهان”: لقد كان ابن منده حافظ وكان أيضاً واحداً من أولاد الحفاظ الذين أثروا بحفظهم في تاريخ الإسلام.

وقيل أيضا في ابن منده

  • وقد قال فيه الذهبي: لأبي عبد الله كتاب كبير في مجلد في الإيمان، وله كتاب أيضاً في النفس والروح، وكتاب آخر في الرد على اللفظية، وإذا روى ابن منده الحديث وصمت أجاد، وإذا تكلم من عنده حرفش وانحرف، فقد كان ذنبه وذنب أبي نعيم أنهما يرويان الأحاديث الموضوعة والساقطة ولا يهتكانها، فنسأل الله العفو عنهما
  • وقال فيه الباطرقاني أيضاً: لقد كنت مع أبي عبد الله ليلة وفاته، ففي آخر نفس له قال واحد منا يلقنه: لا إله إلا الله فأشار أبو عبدالله له بيده إليه دفعتين ثلاثة  وكان يقصد أن يقول له: اسكت، أيقال لي أنا مثل هذا؟!
  • وقد روى يحيى بن منده في ” تاريخه “: قال أبا عبدالله: ما شربت دواء قط ولا افتصدت قط وما قبلت شيئاً من أحد قط
  • وقال يحيى وقد ذكر له عمه عبيد الله فقال : قفلت من بلدة خراسان وقد كان معي عشرون وقرا من الكتب، فنزلت عند هذا البئر اقتداء بالوالد.

إنجازاته في خدمة الإسلام

لابن مندة الكثير من الإنجازات الجليلة في خدمة الدين الإسلامي، فبداية إنجازاته كانت في رواية الحديث النبوي الشريف حيث حفظ الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة ورواها عن كثير من الأئمة والعلماء والشيوخ الأجلاء والذي عملوا علي إبقاء سيرة النبي صلي الله عليه وسلم بقوله وفعله، ولم تقتصر إنجازاته فقط علي روايته للحديث النبوي الشريف بل كان ابن مندة واحداً من أصحاب المصنفات.

حيث كتب الكثير من المصنفات وألفها فكانت خير مرجعاً لكثير من الأمور والقضايا الدينية ولازالت منشورة إلي يومنا هذا، وكان إنجازه الأكبر هو إنشاء جيلاً جديداً من المحدثين الذين نقلوا عنه الحديث النبوي الشريف، فكان هذا الجيل من أمهر المحدثين الذين تبينوا في الحديث قبل روايته ولم ينقلوا إلا صحيح الحديث بعد التأكد من سنده ومتنه، كما كانوا وعلى رأسهم ابن منده لا ينقلون إلا عن شيوخ الثقة، ولم يقلل تضعيفه في بعض الأحاديث من مسيرته الدينية أيضاً بل عوضت المصنفات الثمينة التي قدمها كخدمة للدين بعض الإسقاطات أو المآخذ التي أُخذت عن ابن منده ومسيرته الدينية الكبيرة.

بعض مؤلفاته

لقد كان ابن مندة من أصحاب المصنفات إذ ألف وصنف العديد من الكتب في الحديث والفقه فكان من العلماء الذين تركوا بصمة من علمهم فيما تركوه من مصنفات، ومن أبرز ما صنف ابن منده في حياته:

  • كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الاتفاق والتفرد
  • معرفة الصحابة
  • الكني
  • التاريخ
  • الإيمان

بعض شيوخه

حدث ابن مندة عن كثير من العلماء فأخذ عنهم علماً جماً، كما كان ابن منده ممن يجالس العلماء والشيوخ فأخذ عن علمهم وأدبهم أيضاً، ومن بعض العلماء والشيوخ الذي أخذ عنهم العلم أو حدثوا عنه:

  • أبوه
  • أبي جعفر بن المرزبان
  • إبراهيم بن خرشيد قولة
  • إبراهيم بن محمد الجلاب وأبي بكر بن مردويه
  • أبي ذر بن الطبراني وأبي عمر الطلحي
  • محمد بن إبراهيم الجرجاني

قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)

بعض تلاميذه

تعلم علي يد ابن مندة الكثير من العلماء وحدث عنه الكثير من المشايخ ويعتبر أشهرهم:

  • أبو عبد الله الحاكم النيسابوري
  • أبو نعيم الأصبهاني

قد يهمك أيضا: سليمان بن يسار (علمه – انجازاته – مواقف من حياته)

وفاة ابن منده

توفي ابن مندة سنة 395 ه وترك خلفه إرثاً إسلامياً كبيراً من العلم والحديث لازال حياً إلي يومنا هذا، فرحمه الله رحمة واسعة.

قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

المصدر 3

سير الأعلام.

كشف الظنون.

أبجد العلوم.

البداية والنهاية لابن كثير، الجزء 12

اترك تعليقاً