You are currently viewing ابن ماجة وأهم مؤلفاته وإنجازاته في خدمة الإسلام

ابن ماجة وأهم مؤلفاته وإنجازاته في خدمة الإسلام

اللهم صلى وسلم على خاتم النبين والمرسلين سيدنا محمد وعلى أله وأصحابة الكرام الطيبين وفي هذه المقالة سوف نتحدث عن أحد علماء المشهورين أصحاب الفضل في الفقه والحديث وأحد أئمة الجرح والتعديل، الذين لهم الفضل في تدوين أحاديث الرسول للأمة الأسلامية وأقوال الصحابة الكرام وله الفضل في البحث عن علل الحديث ومعرفة الصحيح والسقيم منها، وهو من العلماء الستة المشهورين أصحاب الكتب الصحيحة الستة عند أهل السنة والجماعة، وهو العالم العلامة صاحب المؤلفات العديدة ابن ماجة .

سوف نتناول في هذه المقالة مولده ونشأته وأنجازاته في الأسلام ورحلاته ومكانته العلمية ووفاته.

ابن ماجة

هو محمد بن يزيد بن ماجة الربعي وكنيته أبي عبد الله ، ولد عام 209 هجرياً بقزوين وهي بأيران، وكانت قزوين في هذا العصر حاضرة من حواضر العالم الأسلامي تعج بالعلوم والمعارف، وكانت لا تقل مكانة عن خراسان والكوفة والبصرة من حيث العلوم المعرفية والثقافية، وقد فتحت هذه المدينة في عهد عثمان بن عفان وأصبح البراء بن عازب أول والٍ عليها عام 24 هجرياً ومنذ ذلك الوقت بدأت تأخذ موقعها في حواضر العالم الإسلامي كمركز معرفي.

وأصبحت منذ ذلك الحين تموج بالحركة والنشاط العلمي ،ولد ابن ماجة في مدينة قزوين في جو علمي حيث كان محباً للعلم منذ الصغر فكان يتردد على مجالس الشيوخ وعلماء الحديث فحفظ القرأن الكريم منذ الصغر ثم أنتقل للتوغل في العلوم الشرعية والحديث فذهب إلى حلقات ومجالس المحدثين التي كانت موجوده في مساجد قزوين، وفي هذه الفترة من نشأت أبن ماجة كانت الدولة العباسية تعيش أزهى عصورها من الرخاء في عهد الخليفة المأمون مما ساعده على التوغل في العلوم الشرعية والسعي لتحصيلها، ثم رأى بعد ذلك أن تلقي الحديث بقزوين ليس كافياً فقرر الأرتحال لجمع الحديث من شتى الأقطار الأسلامية وكان هذا من عادة علماء هذا العصر والأئمة الكبار الذين أرادوا التوغل بالعلوم بعد أن عرفوا طريق المعرفة يزداون تعطشاً للمزيد، وللأسف لم يصلنا الكثير عن حياته الأسرية وذلك إن دل دل على إنه كان من أسرة متواضعة، كما أن شغفه للعلم يدل أنه تربى في أسرة تحب العلم.

رحلاته العلمية

هاجر أبن ماجة في طلب العلم عام 230 هجرياً وكان في هذا الوقت عمره أثنين وعشرين عاماً، فأرتحل إلى خراسان والبصرة والكوفة ودمشق وبغداد ومكه والمدينة ومصر وغيرها من الأمصار فدرس تحت يد أبن أبي شيبة( وقد جاء منه بأكثر من ربع سننه) ثم درس على يد محمد بن عبد الله بن نمير وإبراهيم بن المنذر العيزمي وهشام بن عمار وغيرهم من شيوخ وأئمة عصره الكبار، وبعد رحلات شاقة أستمرت خمسة عشر عاماً عاد إلى قزوين وأستقر لتدوين ما أثمرته تلك الرحلات ولتعليم أبناء وطنه ويدرس السنن والحديث لهم فكان يأتي إليه الطلاب من شتى الأمصار ليتتلمذوا على يديه.

تتلمذ على يد

بسبب كثرة رحلاته العلمية التي قام بها وألتقاءه بشيوخ تلك البلدان فقد كان له عدة شيوخ في كل بلد مر بها تتلمذ على يدهم وروا عنهم الحديث، ومن هؤلاء الشيوخ.

  1. علي بن محمد الطنافسي الحافظ، وقد أكثر في سننه الرواية عنه.
  2. إبراهيم بن المنذر الحزامي، وهو تلميذ البخاري رحمة الله علية وتوفي بعد ما سمع منه عام 236 هجرياً.
  3. محمد بن عبد الله بن نمير وجبارة بن المغلس، وهم من شيوخه القدماء.
  4. عبد الله بن معاوية.
  5. هشام بن عمار.

وغيرهم الكثيرون والكثيرون.

تتلمذ على يده

لم يكن يقتصر نشاط أبن ماجة على التعلم فقط بل أشتمل ليدرس ويلقي الدروس والمحاضرات على طلاب بلده بل وكل الطلاب الوافدين على بلده ليتلقوا الدروس والأستماع إلى الأحاديث التي ألم بها في رحلاته، ومن هؤلاء العلماء الذين أستمدوا علمهم منه.

  1. علي بن سعيد بن عبد الله الغداني.
  2. إبراهيم بن دينار الجرشي الهمداني.
  3. إسحاق بن محمد القزويني.
  4. أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم المدني الأصبهاني.
  5. أبو الطيب أحمد بن روح المشعراني.

وغيرهم الكثيرون.

انجازاته في خدمة الأسلام

لم يقتصر دور الإمام أبن ماجة على التعلم فقط بل شمل أيضاً دوره على كتابة وتدوين العديد من المصنفات والكتب حيث قام بتدوين كل ما تعلمه برحلاته بها، أيضاً فقد كان يدرس ويعطي المحاضرات للطلاب في بلدته وأتى إليه الطلاب من شتى الأمصار ليتعلموا في مجالسه.

مؤلفات ابن ماجة

ألف أبن ماجة العديد من المؤلفات التي دون بها ما تعلمه من خلال رحلاته العلمية الكثيرة، وعلى الرغم من كثرة مؤلفاته لم يصل إلينا إلا كتاب السنن ولكننا عرفنا عن مؤلفاته من خلال كتب علماء تتبعوا سيرته، ومن أشهلر مؤلفاته التي وردتنا.

  1. كتاب السنن

وهذا الكتاب هو أحدى كتب الحديث السته وهو أحد أصول السنة النبوية الشريفة، في هذا الكتاب قام أبن ماجة بترتيب الأحاديث على أبواب، وقد أختلف العلماء حول منزلة الكتاب من كتب السنة الصحيحة الستة، وبسنن أبن ماجة يوجد الصحيح والحسن والضعيف وأيضاً المنكر والموضوع ولاكن الأحاديث الموضوعة قليلة بالنسبة إلى جملة الأحاديث الموجودة بكتابه والتي تزيد عن4341 ألاف حديث، أشتركت مع الأحاديث الأخرى في كتب الحديث الخمسة الأخرى ولكنه أنفرد عنهم بحوالي 1339 حديثاً.

بدأ أبن ماجة في هذا الكتاب بمقدمة عن السنة وأتباعها ليعلم الطالب أن يتبع هذه السنن وأن يتمسك بها.

فقد قال الإمام السيوطي رحمة الله عليه عن ابن ماجة في هذا الكتاب: ((وهذا أحسن بالترتيب حيث بدأ بأبواب أتباع السنة إشارة إلى التصنيف في جمع السنن أمر لابد منه وتنبيهاً للطالب على أن الأخذ بهذه السنن من الواجبات الدينية ثم عقب هذه الأبواب أبواب العقائد من الأيمان والقدر لأنها أول الواجبات على المكلف ثم عقب بفضائل الصحابة لأنهم مبلغوا السنن إلينا فما لم يثبت عدالتهم لا يتم لنا العلم بالسنن والأحكام))

ثم بعد ذلك ذكر أبن ماجة بقية الكتاب في هيئة كتب أبتداءاً من كتاب الطهارة وصولاً لأخر كتاب وهو كتاب الزهد، وكان أخر حديث في هذا الكتاب قال فيه أبن ماجة: ((حدثنا أبو بكر بن شيبة وأحمد بن سنان قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مامنكم من أحدٍ إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى: [ أولئك هم الوارثون]] )).

وقام العديد من العلماء بشروحات لكتاب سنن أبن ماجة مثل

  • شرح أبن ماجة لأبي الحسن علي بن عبد الله ابن نعمة الأنصاري الأندلسي المحدث الفقيه المتوفى سنة 567 هجرياً.
  • شرح سنن أبن ماجة لعبد اللطيف البغدادي وهو أحد الشيوخ العلامة وتوفي سنة 629 هجرياً.
  • ماتمس إليه الحاجة من شرح أبن ماجة لعمر بن علي بن أحمد ابن الملقن ووفاته كانت عام 804 هجرياً.
  • مصباح الزجاجة على سنن أبن ماجة لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي ووفاته كانت عام 911 هجرياً.

وغيرهم الكثيرين وهناك الكثير من العلماء قاموا بأختصارات وأنتقاءات للكتاب.

  1. هناك كتاب أيضاً لتفسير القرأن قال عنه أبن كثير بأنه كتاب حافل ولكنه للأسف مفقود.
  2. كتاب تاريخ أرخ فيه من عصر الصحابة حتى عصره ولكنه أيضاً فقد ولم يصلنا سوى كتاب سننه.

أقوال العلماء والسلف في ابن ماجة وفي كتابه السنن

  • قال عنه أبو يعلى الخليل بن عبد الخليلي القزويني: (( أبن ماجة ثقة كبير متفق عليه محتج به له معرفة وحفظ، كان عالماً بهذا الشأن صاحب تصانيف منها التاريخ والسنن، وأرتحل إلى الشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد)).
  • قال عنه الحافظ شمس الدين الذهبي رحمة الله عليه: ((قد كان أبن ماجة حافظاً ناقداً صادقاً، واسع العلم، وإنما غض من رتبة سننه مافي الكتاب من المناكير)).
  • وقد قال أيضاً شمس الدين ابن خلكان عنه: (( كان إماماً في الحديث عارفاً بعلومه وجميع ما يتعلق به)).
  • قال عنه أيضاً ابن ناصر الدين: (( محمد بن يزيد بن ماجة أحد الأئمة الأعلام وصاحب السنن أحد كتب الإسلام، حافظ ثقة كبير)).
  • قال عنه أيضاً الحافظ ابن كثير رحمة الله عليه: (( محمد بن يزيد بن ماجة، صاحب كتاب السنن المشهورة وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة النبوية في الأصول والفروع ويشتمل على اثنين وثلاثين كتاباً وألف وخمسمائة باب ويحتوي على أربعة ألاف حديث كلها جياد سوى اليسير)).

قد يهمك أيضا: الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )

أقوال العلماء عن كتاب السنن

  • قال أبن ماجة: ((عرضت هذه السنن على أبي ِزرعة الرازي فنظر فيها وقال: أظن إن وقع ِهذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع، أو أكثرها، ثم قال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثاً مما في إسناده ضعف أو نحو ذا)).
  • قال أبن كثير في كتابه أختصار علوم الحديث عن كتاب السنن: (( هو كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه)).
  • قال أيضاً ابن طاهر في هذا الكتاب: (( ولعمري إن كتاب أبي عبد الله ابن ماجة، من نظر فيه علم مزية الرجل من حسن الترتيب، وغزارة الأبواب، وقلة الأحاديث، وترك التكرار، ولا يوجد فيه من النوازل والمقاطيع والمراسيل والرواية عن المجروحين، إلا قدر ما أشار إليه أبو زرعة، وهذا الكتاب وإن لم يشتهر عند أكثر الفقهاء، فإن له بالري وماوالاها شأن عظيم، عليه أعتمادهم، وله عندهم طرق كثيرة)),
  • قال ابن الأثير عن كتاب السنن لأبن ماجة: (( كتابه كتاب مفيد قوي النفع في الفقه، لكن فيه أحاديث ضعيفة جداً بل منكرة)).

قد يهمك أيضا: ابان بن عثمان (علمه – حياته – انجازاته – مرضه ووفاته)

وفاة ابن ماجة رحمة الله عليه

توفي أبن ماجة في شهر رمضان عام 273 هجرياً بقزوين وصلى عليه أخوه أبو بكر وتولى دفنه مع أخيه الأخر أبو عبد الله وأبنه عبد الله بن محمد بن يزيد.

قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

المصدر 3

البداية والنهاية لأبن كثير.

تذكرة الحفاظ للذهبي.

وفيات الأعيان لأبن خلكان.

أئمة الحديث النبوي للدكتور عبد المجيد الحسيني.

معجم أعلام المورد للبعلبكي

اترك تعليقاً