في هذه المقالة سوف نتحدث عن أحد رواة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد المرابطين والمجاهدين لنشر سيرة رسول الله وأحد التابعين الثقة الذين تحروا الصدق في رواياتهم للحديث والسيرة النبوية، الإمام الكريم صاحب المنزلة العظيمة، ابو اسحاق الفرازي .
سوف نتناول في هذه المقاله مولده ونشأته وأنجازاته في الأسلام.
ابو اسحاق الفرازي ونشأته
وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حصن وكنيته الإمام الغازي الحافظ الكبير.
هو من كبار علماء الأسلام، ولد بالكوفة ثم نزل إلى الشام وسكن بها فهو نزيل ثغر المصيصة (وهي بيروت وأطرافها)، وهو من علماء القرن الهجري الثاني الذي يتسم بالأخلاق والفضيلة.
أبتدأ أبو أسحاق الفزاري كتابة الحديث في الكوفة وهو عمره ثماني وعشرون عام، ثم قدم إلى دمشق وحدث بهذه الأحاديث بها، ثم رحل إلى بغداد فأكرمه الخليفة هارون الرشيد، وكان من أصدقاءه الأوزاعي رحمة الله عليه، ثم عاش بقية عمره بثغر المصيصة مرابطاً في سبيل الله حتى توفي.
كان الفزاري من العباد الصالحين وكان من أصحاب السنة المرابطين في سبيل الله لنشر علمهم، وهو الذي أدب أهل ثغر المصيصة وكان إذا دخلها رجل مبتدع أخرجه منها.
كان الفزاري إمام الأسلام حافظاً للحديث وراوي له وكان حافظ للسنن والفرائض يحث الناس على التعلم كان يأمر وينهي، نهى وأمر سلطاناً فضربه مائتي سوط، فغضب لأمره الأوزاعي وتحدث في أمره، وكان كثير الحديث وله فقه.
تتلمذ على يد
تتلمذ على يد الكثيرين الذين أستمد منهم علمه سواء بالكوفة أو في دمشق أو بيروت فهو كان صديق للأوزاعي وكان محباً للعلم مجاهداً للحصول عليه، ومن ماتتلمذ على يدهم
- سليمان الأعمش.
- أبي أسحاق السبيعي.
- الأوزاعي.
- والثوري.
وأخرون كثيرون.
تتلمذ على يده
تتلمذ على يده الكثيرون فكان ثقة مأمون معروف بصدق حديثه وكثرة تحريه فيه، فقد حدث عنه شيوخه وتابعينه، وممن تتلمذ على يده.
- ابن المبارك.
- بقية.
- أبن عمه مروان بن معاوية الفزاري.
- أبو توبة الحلبي.
وغيرهم كثيرون.
انجازاته في خدمة الأسلام
كان أبو أسحاق راوي لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكان مجاهداً لنصرة الدين، كان صاحب سنة يعلم الناس أمور دينهم في ثغر مصيصة، وكان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، كان غيوراً على الدين وأحاديث الرسول، فإذا جاء مبتدع على الله ورسوله أخرجه من ثغر، وكان صادق القول ذو حجة قوية ثقة، لم يبخل بعلمه عن أحد، كان مجاهداً في سبيل الله، وكان إماماً الناس يقدرونه ويسمعون منه وينفذون كلامه، كان صاحب فقه فقد كان الناس يستشيرونه في أمور دينهم ودنياهم، وكان عظيم الغناء في الأسلام.
يروى عن الخليفة هارون الرشيد إنه أخذ زنديقاً ليقتله، فقال له الرجل : أين أنت من ألف حديثاً كتبتهم فقال له هارون الرشيد: أين أنت ياعدو الله من أبي أسحاق الفزاري وابن المبارك يتخللانها فيخرجونها حرفاً حرفاً.
فقد كان الفزاري إمام يقتدى به في الأسلام فقد أدب أهل ثغر بتعاليم السنة النبوية وعلمهم الأحاديث والفرائض، ولم يبخل بعلمه عن أحد.
مؤلفات ابو اسحاق الفرازي
له كتب منها كتاب (السير، في الأخبار والأحداث).
والجزء الثاني منه مخطوط على الرق وأجزاء على الكاغد.
وعن كتاب السير
فهو من أقدم الكتب التي تناولت موضوع المغازي والجهاد والسير وما يتعلق بذلك من أحكام وتشريعات، وقد كان الفزاري ينتهج نهجاً حسناً، فقد كان يستدل بكل مسألة أو حكم بحديثاً نبوياً فإذا لم يجد حديثاً يستدل عليه بقول أحد الصحابة ثم يدلل عليه من بعد الصحابي بقول التابعين.
هذا الكتاب أول وأقدم كتاب تناول السير والجهاد وفقه المغازي، حيث تناول فيه الفزاري المغازي وأحكامها الفقهية، وما يتعلق بها من نفير وتجهيز العدة وعقد ألوية وترتيب الصفوف وحمل في سبيل الله وكر وفر وقسم غنيمة وتحريم غلول وبيان حكم المرتد وعلاقة المسلمين بأهل الذمة.
هذا الكتاب أصبح خزانة مهمة لمعرفة مذاهب وآراء السلف الصالح في السير والجهاد والعلاقات الخارجية.
يعد هذا الكتاب هو الأشمل في تناول المغازي، وقد أستمدت كتب السير منه الكثير فيما بعد.
وقد أستفادوا من هذا الكتاب الكثيرون ونقل منه الكثيرون مثل الإمام ابن جرير الطبري وكتابه (تهذيب الأثار) وابن قتيبه الدينوري وكتابه (غريب الحديث).
قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)
أقوال العلماء والسلف فيه
- قال ابن خلفون فيه(( كان إمام من أئمة المسلمين وفقيهاً من فقهائهم، فكان ابن عيينة والثوري والفضيل بن عياض والأوزاعي يرفعون به جداً لدينه وفضله وعلمه)).
- كما قال ابن سعد(( كان فاضلا ثقة صاحب سنة وغزو)).
- كما قال أيضاً عبد الله بن داود الخريبي(( كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه، وكان من بعده أبو أسحاق الفزاري)).
- أيضاً قال أبو صالح كاتب الليث (( سألت ابن عيينة فقلت: سمعت حديثاً رواه عنك أبو إسحاق الفزاري أحببت أن أسمعه منك، فغضب علي وأنتهرني وقال : ألا يكفيك أن تسمعه من أبو إسحاق؟، والله ما رأيت احداً أقدمه على أبو إسحاق)).
- كما مدحه العجلي فقال(( كان رجلاً صالحاً ثقة صاحب سنة وهو الذي أدب أهل ثغر وعلمهم السنة وكان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، وإذا دخل رجل مبتدع إلى ثغر أخرجه منها، وكان كثير الحديث وكان أيضاً له فقه)).
- ومدحه أبو حاتم الرازي فقال فيه (( ثقة مأمون إمام)).
- ومدحه أيضاً ابن الحبان فقال (( كان من الفقهاء العباد)).
- وقام أيضاً النسائي بمدحه حيث قال (( أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفزاري ثقة ومأمون أحد الأئمة)).
وقيل فيه أيضا
- وقام بمدحه عبد الله بن المبارك فقال (( ما رأيت رجلاً أفضل من أبي إسحاق الفزاري)).
- كما قال الحسن بن الربيع (( ما رأيت أحداً أورع من أبي إسحاق الفزاري)).
- وقال سفيان بن عيينة فيه أيضاً (( كان أبي أسحاق الفزاري إماماً)).
- وأيضاً قال عثمان بن سعيد الدرامي : سألت أبن معين عن أبي أسحاق الفزاري فقال (( ثقة ثقة)).
- ومدحه الذهبي فقال (( الإمام الحجة شيخ الأسلام)) كما قال أيضاً عنه (( الإمام ، الكبير، الحافظ، المجاهد.. كان من أئمة الحديث)).
- أيضاً قال الفضل بن عياض (( ربما أشتقت إلى المصيصة ما بي فضل الرباط بل لأرى أبا إسحاق الفزاري)).
- كما قال أبو داود الطيالسي (( مات أبو إسحاق الفزاري وما على وجه الأرض أفضل منه)).
- كما مدح كتابه الشافعي فقال (( لم يصنف أحد في السير مثل كتاب أبي إسحاق)).
- وقال محمد بن يوسف الأصبهاني، حدث الأوزاعي بحديث فقال له رجل من حدثك يا أبا عمرو قال حدثني به الصادق المصدوق أبو إسحاق الفزاري.
- قال إبراهيم بن عبد الله حدثنا محمد بن إسحاق حيث قال: سمعت أبا قدامة عبيد الله بن سعيد يقول: سمعت محمد بن عبد الرحمن بن مهدي يقول : كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة، إذا رايت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري ، فاطمئن إليه، كان هؤلاء أئمة في السنة.
قد يهمك أيضا: ابان بن عثمان (علمه – حياته – انجازاته – مرضه ووفاته)
وفاة ابو اسحاق الفرازي
توفي الفزاري سنة 188 هجرياً وقال عطاء بعد موتهن ما دخل على الأمة من موت أحد كما دخل عليهم من موت أبو إسحاق الفزاري.
قد يهمك أيضا: الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )
المصادر:
الطبقات الكبرى
الثقات
تهذيب الكمال في أسماء الرجال