ابن كثير هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء فهو ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصراوي، وهو من العلماء الكبار في تفسير القرآن وله الكثير من الكتب في تفسير القرآن الكريم، لذلك نقدم لكم في السطور التالية الشرح الوافي لسيرة وحياة ابن كثير، وعلمه الغزير ومؤلفاته المتعددة.
سيرة ابن كثير
ولد ابن كثير في عام 701 هجريا في مجدل بدمشق، ثم توفي والده في عام 703 هجرية وانتقل مع أخيه كمال الدين في عام 707 هجرية إلى دمشق بعد موت أبيه، وتعلم علوم الدين وحفظ القرآن الكريم وختمه في عام 711 هجرية.
كما أنه قرأ الكثير من القراءات في علم التفسير كما أنه حفظ فقه الشافعي في عام 718 هجرية، تفقه من الشيوخ الكبار ومنهم الشيخ برهان الدين الفزاري والشيخ كمال الدين ابن القاضي، وحفظ المختصر ابن الحاجب.
سمع وتعلم الحديث من ابن الشحنة، وابن السراج وإسحاق الآمدي وابن عساكر والمزي وابن الرضي، وأيضا قرأ وتعلم من صحيح البخاري وصاحب المزي وقرأ عليه تهذيب الكمال، وتزوج من ابنته وصاحب ابن تيمية.
كما أنه تولى العديد من المدارس في هذا العصر منها: دار الحديث الأشرفية والمدرسة الصالحية والمدرسة الناجية، والمدرسة التنكزية ومدرسة النورية.
وكان له العديد من التصنيفات من أهمها تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية، وطبقات الشافعية، وعمل على شرح اختصار علوم الحديث، والسيرة النبوية، وله رسالة في الجهاد، وعمل في كتب كتاب عن الأحكام لكنه لم يكمله، وايضا شرح صحيح البخاري لكنه مفقود.
أخلاق ابن كثير
تميز ابن كثير بأنه كان ذو خلق عالي وأخلاقه الحميدة التي جعلته من العلماء المعروفين في هذا العصر، وكان ابن كثير ذو قدرة عاليه في حفظ العلوم وفهمها، والتي جعلته يحفظ القرآن الكريم في سن الحادية عشرة.
وكان يتميز ابن كثير في الفهم الجيد وتحضير الدروس والوصول إلى الاستنتاجات الدقيقة و المقبولة، ويقال عنه انه كان مجتهدا في دروسه وسريع الفهم، وكان يهتم بطلابه وكان يخفف عليهم الضغط.
وكان يدعي ابن كثير الناس إلى اتباع السلف وكان من الأشخاص الملتزمين بالحديث والسنة، وكان يحارب الباطل والفاسد، ومن صفاته أنه كان له سعة صدر كبيرة
وكان يدعو الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان يعدل بين الناس وينصر الضعيف وكان يصلح بين الأخصام، وكان يحاول في تزويد الإصلاح الديني، وكان يعتبره الناس مرشدا لهم ولا يخشى في الله لومة لائم.
غزارة علم ابن كثير
ذهب ابن كثير إلى دمشق وهو في عمر الخمس سنوات عام 706 هجريا، وهناك تعلم على يد الشيخ إبراهيم الفزازي وختم القرآن الكريم في عام هجريا، وحفظ متن التنبيه في فقه الشافعي في عام 718 هجرية.
واستفاد كثير من الشيخ جمال يوسف بن زكي المزي وهو صاحب تهذيب الكمال، وقد ظل بجانبه يتعلم منه حتي تخرج، واتجه ابن كثير إلى حفظ المتون ومعرفة الأسانيد والتاريخ وقد برع فيهم.
وكان بارعا في التفسير وكان مفتي وتعلم الفقه والنحو، كما تولي الكثير من المدارس كما قلنا سابقا، فهو عالم لن يتكرر مرة أخرى في تاريخ الدين الإسلامي.
انجازاته في الإسلام
اشتهر عن ابن كثير في التفسير انه قد كان عالما كبيرا وسابق لعصره، وكان ابن كثير من بيت معروف عنه الأدب والعلم، وتعلم الكثير من علماء دمشق وأخذ منهم الكثير من العلوم.
وقد عرف عنه أنه لديه معرفة واسعة في العلوم وكان مطلع جيد في الحديث والتفسير والتاريخ، وكتب الكثير من المؤلفات منها البداية والنهاية في التاريخ، وكتاب التفسير للقرآن العظيم الذي يعتبر من أفضل كتب التفسير في القرآن.
وكان يبتعد عن الأقوال الباطلة والفاسدة وكان يبتعد أيضا عن الروايات الغير حقيقية، وكان يحب الحق ويتجه نحو الأقوال الصحيحة، لذلك نستطيع القول أن ما قدمه ابن كثير للإسلام لا يمكننا حصره فهو كان شخصية صعب تكرارها.
شيوخه
لقد تتلمذ على يد كبار العلماء ومن بينهم الآتي:
- في القرآن ابن غيلان البعلبكي الحنبلي.
- في القراءات محمد بن جعفر اللباد.
- النحو ضياء الدين الزرندي.
- الإمام بدر الدين ابن جماعة.
- المؤرخ علم الدين البرزالي.
تلاميذه
لقد تتلمذ على يده عدد كبير من الأشخاص الذين أصبحوا في المستقبل علماء المسلمين ومن بينهم:
- الحافظ علاء الدين بن حجي الشافعي.
- محمد بن محمد بن خضر القرشي.
- شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي.
- محمد بن محمد بن الجزري شيخ في علم القراءات.
- ابنه محمد بن إسماعيل بن كثير.
مؤلفات ابن كثير
قدم لنا الكثير من المؤلفات في كافة العلوم الدينية من بينهم:
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ويعد من التفسيرات الأصح للقرآن الكريم.
- البداية والنهاية وهو كتاب يتناول التاريخ منذ بدأ الخلق حتى القرن الثامن الهجري، وجزء النهاية في الفتن والمنتشرة.
- التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الضعفاء والفاسدين وكان يجمع فيه الأدلة، وجمع في الكتاب من كتب شيوخه المزي و الذهبي.
- كتاب رد الهدي والسنن في الأحاديث المسانيد والسنن.
- الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث وهو يعد اختصار مقدمة ابن صلاح.
- السيرة النبوية.
- جامع السنن والأسانيد.
تفسير القرآن
يعد ابن كثير من مفسرين القرآن الكريم الذي كان يفسره بطريقة بسيطة، وكان يعتمد على تفسير الآية بطريقه سهله تصل للناس، وكان يعتمد علي النحو والإعراب إذا كان له علاقة في تفسير القرآن.
كما كان يقوم بتفسير القرآن الكريم ويعتمد على تجميع الآيات المتشابهة ويظهر معناها، وكان يذكر السنة النبوية بما يتناسب مع تفسير الآية.
وقد كان يأخذ من أقوال الصحابة والتابعين ويوضح الروايات الصحيحة في تفسير القرآن، وكان يحذر من الإسرائيليات ويشير أنها ليست صحيحة، وكان يعتمد في بعض التفسيرات على أقوال الحكماء ومناقشتهم فيها بطريقة سهلة مدعمة بالأدلة.
كان ابن كثير يعطي اللغة العربية حقها في تفسير القرآن الكريم وكان يستخدمها كثيرا وكانت تعتبر أهم مصدر لديه في التفسير، وكان يتتبع أقوال الماضي في الآيات المتعلقة بالعقيدة.
واهتم أن تتواجد الأدلة في الأحاديث التي كان يكتبها، بالإضافة إلى تصحيح بعضها والبعد عن الضعيف منها، وكان كتبه في التفسير يعتبر من أهم الكتب في تفسير القرآن، فتكلم عن أسباب النزول وغيرها الكثير.
وكان يبتعد عن الحشو والإطالة في الكلام و الشرح، وكان لا يفضل الدخول في الأماكن اللغوية الصعبة في النحو والصرف والبلاغة.
كان يتكلم عن أقوال المفسرين الآخرين وكان يفضل منها البعض ويبتعد عن بعضها، وكان يعرض أقوال الفقهاء في تفسيرات الآيات ويعرض وجهات نظرهم ويعرض أهم أدلتهم في تفسيراتهم.
ومن مميزات ابن كثير أنه يعرض وجهات نظر الفقهاء ويوضح أقوالهم في التفسيرات مثل ذكر اسم قائل كل رأي ذكره، وانه يوثق كل قول إلى صاحبه، وكان تفسيراته سهلة وواضحة لجعل الناس تفهمها سريعا.
وكان يعتمد في تفسيراته على قوة جودة الكلام وإيجاز الفكرة من أجل أن يتم توضيحها للناس.
قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة
أقوال أئمة المسلمين عنه
- قال السيوطي عنه: كان ابن كثير يفرد في النمط الذي ألف به التفسير.
- وقال الشوكاني: إن البحور التي كتب فيها ابن كثير متعددة أشهرها التفسير، وبعد تفسيره من أحسن التفسير، حيث كان علمه في كافة المجالات الدينية.
- قال الكتاني: إن تفسير ابن كثير يعد مليئا بالأحاديث والآثار بأسانيدها وهذا هو أسلوبه في التفسير، مع ذكر حكم الحديث من حيث الصحة والضعف.
- أحمد شاكر قال: إن تفسير ابن كثير من أحسن التفاسير، وأجودها وأكثرها دقة، بسبب اعتماده على أقوال المفسرين وأيضا وضع بعض الأحاديث النبوية التي لها علاقة بالتفسير.
- قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: سارت تصانيفه في البلاد في حياته وانتفع بها الناس بعد وفاته، وما زال الانتفاع بها حتى وقتنا هذا.
- قال الذهبي في المعجم المختص: ابن كثير له تصانيف مفيدة.
- وقال ابن تعزي عن كتابه البداية والنهاية: هو في غاية الجودة وعليه بعول البدر العيني في تاريخه.
قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )
وفاة ابن كثير
توفي في يوم الخميس الموافق 26 شعبان عام 774 هجرية في دمشق، عن عمر حوالي 73 سنة، وقد كان فقد بصره في أواخر حياته، وكان يؤلف في ذلك الوقت جامع المسانيد.
فأكمل الكتاب إلا بعض مسند أبي هريرة وقال فيه: لازلت في الليل والسراج حتى ذهب بصري، كما ذكر ابن ناصر أن جنازة ابن كثير كان يوما كبيرا من كثرة الناس الذين تواجد فيه، ودفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية وذلك بمقبرة الصوفية.
قد يهمك أيضا: سعيد بن المسيب ( نسبه – طلبه للعلم -انجازاته – وفاته)
المصادر: