You are currently viewing عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج

حاجة الإنسان للانتماء والإحساس بأنه جزء من فئة لها وزنها بين الأمم هي من الاحتياجات الأساسية للإنسان بل والتي نص عليها الإسلام صراحة ودعى الإنسان إليها، فقال الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ } وليس هناك ما يُشبع حاجة الإنسان للانتماء أكثر من تعرفه على عظماء أمته، ليقتدي بهم في حياته، ويستنير بنورهم في ظلمات كوننا الحالك، وها نحن في مقالنا هذا نستعرض أحد عظماء أمتنا، والذي من سيرته نتعرف على مكانة التقوى بقلوبنا، وأهمية طلب العلم، معنا يا سادة في مقالنا هذاعن الإمام العالم عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج .

من هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ؟

أول ما نستعرضه في ذاك العالم جليل القدر، رفيع المنزلة، هو اسمه الماتع، فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، و قد كان اسماً على مسمى، فهو عبد حق لله عز و جل.

وإن من أشرف المنازل التي يصل لها العبد هي منزلة العبودية، و هكذا كان عبد الملك، مشتق له من اسمه و اسم والده نصيب.

و قد نقل الإمام البخاري رحمه الله أن عبد الملك بن جريج كان يكنى بأبو الوليد أو أبو خالد، ولد عام 80 من الهجرة لتكون آخر أيامه في الدنيا عام 150 من هجرة نبينا.

وقد وُلِدَ وتوفي رحمه الله في مكة عن عمر يناهز 76 عاماً، وقد كان عبد الملك بن جريج عالماً وقوراً، فقيهاً حكيماً، قارئاً للقرآن مطرباً، راوياً للحديث ثقة، وكان أول من صنف الكتب في علم الحديث رحمه الله تعالى. 

شيوخه

من البديهي أنه لا تلازم بين كون شيخ الطالب صالحاً وأن يكون تلميذه بنفس صلاحه، و لكن حينما ننظر في سيرة عبد الملك بن جريج ثم ننظر لشيوخه لنعلمن علم اليقين بأنه خير تلميذ لخير مشايخ.

وقد نقل الإمام ابن حجر العسقلاني بأن أول شيوخ عبد الملك بن جريج هو أبوه عبد العزيز بن جريج، و كيف لا وهو الذي حثه و دفعه لطلب العلم، وهو أول من علمه فرائض الإسلام وأول واجبات المُكَلَّف.

ثم كان ثاني شيوخه هو الإمام عطاء بن أبي رباح وعطاء هو أحد كبار رواة الحديث وهو أحد كبار التابعين.

كما أن عطاء تتلمذ على يد السيدة عائشة رضي الله عنها، فلك أن تتخيل أن عبد الملك بن جريج تتلمذ على يد عطاء بن أبي رباح الذي تتلمذ على يد السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم تتلمذ أيضاً على يد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهو حفيد الصحابي زيد بن سهل و تلميذ أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتتلمذ أيضاً على يد زيد بن أسلم الذي تربى في بيت الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وأيضاً تعلم رحمه الله على يد الإمام العلامة الكبير الزهري الذي له في رواية الأحاديث وعلم الحديث باعً طويل.

ولنتابع بعض من تتلمذ على يدهم

ثم تتلمذ على يد الإمام الثقة سليمان بن أبي مسلم الأحول.

كما تتلمذ أيضاً رحمه الله على يد الإمام صالح بن كيسان الذي روى عنه الإمام مالك بن أنس في موطأه.

كما طلب العلم رحمه الله على يد الإمام المدني الفقيه وأحد كبار رواة الحديث صفوان بن سليم، كما تتلمذ أيضاً على يد عبد الله بن أبي مليكة وهو قاضي المدينة في خلافة الزبير رضي الله عنه.

ثم طلب العلم رضي الله عنه على يد أحد فروع أبي طالب وهو عبد الله بن محمد بن عقيل.

كما طلب العلم رحمه الله على يد فقيه و قاضي خراسان الإمام المجاهد المفسر الفقيه أحد أكابر رواة الحديث عطاء الخراساني.

ومن شيوخه أيضا رحمه الله عمرو بن دينار فقيه مكة و محدثها، ومن شيوخه أيضاً رحمه الله تعالى محمد بن المنكدر الذي تتلمذ على يد الصحابة.

وتتلمذ أيضاً رحمه الله تعالى على يد نافع مولى بن عمر رضي الله عنهما وهو من كبار التابعين بالمدينة.

كما أنه أيضاً رحمه الله تعالى طلب العلم على يد الإمام هشام بن عروة بن الزبير بن العوام.

كما طلب أيضاً العلم رحمه الله على يد أيوب السختياني و هو سيد من سادات التابعين الكبار.

ثم تتلمذ أيضاً رحمه الله تعالى على يد جعفر الصادق وهو إمام من أئمة المسلمين وعالم جليل وعابد فاضل من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب وله مكانة جليلة عظيمة لدى جميع المسلمين.

بعد كل هؤلاء الشيوخ وغيرهم الكثير الذين لم أذكرهم لا أملك إلا أن أنقل قول الله عز وجل: {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}. 

تتلمذ على يده

بعد أن عرفنا شيوخ هذا العالم الجليل، ورأينا عددهم وضخامتهم، كان من الواجب التعرف على تلاميذه رحمه الله تعالى، فمن هم تلاميذه رحمه الله تعالى؟

أول تلاميذه الإمام الحافظ إمام بيروت وسائر الشَّام والمغرب والأندلُس أبو عمرو عبدُ الرحمٰن بن عمرو بن يُحمد الأوزاعي.

ثم تلميذه الإمام الكبير شيخ الإسلام الحافظ العالم أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي القلقشندي.

كما كان من تلاميذه أيضاً حماد بن زيد بن درهم مولى آل جرير بن حازم الجهضمي.

وتتلمذ أيضاً على يديه عبد الوهّاب بن عبد المجيد بن الصلت هو مٌحدث، وغيرهم الكثير من التلاميذ الذين لا يسع المقام ذكرهم.

علمه وأقوال العلماء فيه

قال عنه الإمام أبو عبد الله محمد بن سعد: أنه “ثقةً كثير الحديث جداً”

وقد قال عنه الإمام أبو الحسن العجلي أنه “ثقة”

وقال عنه الإمام بن حبان “من فقهاء أهل الحجاز و قرائهم و متقنيهم”

ووصفه الإمام أبو زرعة الرازي بقوله “ذلك من الأئمة”

وقال عنه شيخه عطاء بن رباح “ابن جريج سيد أهل الحجاز”

وقد وصفه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى بأنه “وعاءٌ من أوعية العلم”

وقال عنه الإمام الذهبي “الفقيه أحد الأعلام”

ومدحه الإمام يحي بن سعيد الأنصاري بقوله “جريج صدوق”

كما وصفه أيضا الإمام أبو عاصم النبيل بقوله: “ابن جريج من العُبَّاد”

و قال عنه الإمام ابن كثير أنه “أحد أئمة أهل الحجاز”.

من أقوال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج

للإمام ابن جريج قولان هما أبلغ أقواله وأشهرها، فالقول الأول هو قوله رحمه الله “طلبت العلم لنفسي” وهذا القول اشتهر لأن الفقيه إذا سألته لمن طلبت العالم قال لله، غير أن ابن جريج كان صريحاً في أنه طلب العلم لنفسه، و هذا يدل على تواضعه رحمه الله و صدقه، و القول الثاني هو قوله “ما دون هذا العلم تدويني أحد” أي أنه لا أحد قبله دون علم الحديث.

قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)

خدمة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج للإسلام

لعل من أجل الخدمات التي قدمها عبد الملك بن جريج للإسلام هي أنه أول من صنف وكتب الكتب في علم الحديث، وهذا ما نقله كل من الإمام الجرجاني والإمام الذهبي رحمهم الله جميعاً.

قد يهمك أيضا: ابان بن عثمان (علمه – حياته – انجازاته – مرضه ووفاته)

كتبه

ليس للإمام عبد الملك الكثير من الكتب.

فأقصى ما نقله العلماء من عدد للكتب التي ألفها الإمام عبد الملك كتابان.

كتابٌ في سنن الحديث، و كتابٌ في تفسير القرآن الكريم.

وفي النهاية كان عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مثالاً و قدوة في العبادة.

كما كان مثالاً و قدوة في علو الهمة لطلب العلم.

رحمه الله تعالى و رزقنا من علمه و عبادته و نفعنا بمثل هؤلاء العلماء الأجلاء.

وأتمنى لك أيها القارئ العزيز أن تكون استمتعت بالتعرف على أحد كبار العلماء الذين نفخر بهم أمام العالم.

قد يهمك أيضا: الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

التاريخ الأوسط للبخاري.

تهذيب الأسماء و اللغات للنووي

الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد

الجرح و التعديل لابن ابي حاتم

معرفة الثقات من أهل العلم للعجلي

الثقات لابن حبان

التعديل و التجريح للأندلسي

تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي

سير أعلام النبلاء للذهبي

إكمال تهذيب الكمال مغلطاي بن قليج

البداية و النهاية لابن كثير

اترك تعليقاً