ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ التيمي المدني - موقع الدكتور علي الربيعي الرسمي

ما وسيلة جمع العلم؟ إنها الحفظ في الصدور والسطور، كما أنه فهم المحفوظ، وبهذين الوسيلتين يثبت العلم في قلب المتعلم حتى يكون عالما، وكلما زاد حفظ المتعلم وفهمه لما يحفظ كلما كان أكثر علماً وأعلى مكانة وهكذا كان الشيخ ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ التيمي المدني و هو موضوع مقالنا هذا.

من هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن ؟

إن قرن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أحد أولئك القرون الخيرية الأولى، لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم} وكان الإمام ربيعة بن أبي عبدالرحمن هو أحد أفراد القرن الثاني، فكان من التابعين رحمه الله تعالى.

وكان محباً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى صار من حفاظ الحديث وأضبطهم، كما أنه رحمه الله كان حريصاً على علم الفقه أشد الحرص حتى صار فقيه مفتياً بالمدينة.

وقد كان يأخذ بمدرسة أهل الرأي مما دفع ببعض أهل الحديث بأن يتقونه، وقد ولد رحمه الله تعالى في القرن الأول الهجري وتوفي عام 136 من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمدينة الأنبار، وقد كنَّى بأبي عثمان وأبو عبدالرحمن، واشتهر باسم ربيعة الرأي.

علمه وسيرته

الكثير من الملامح في سيرته رحمه الله تعالى تبعث على الفخر والاعتزاز، وحينما نتكلم عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن فإننا نتكلم عن الجود والكرم والعزة والصبر والهمة العالية وطلب العلم.

فأما عن جوده وكرمه فما بالك بشخص ينفق على إخوانه أربعين ألفاً من الدنانير حتى يطلبوا العلم؟ هذا ما فعله الإمام ربيعة بن أبي عبدالرحمن، فلما رأى احتياج إخوانه ما بخل عليهم، بل أعطاهم ماله في أربعين ألف دينار لم ينقصوا ديناراً.

ثم إذا تكلمنا عن العزة والشرف فأي موقف هو أعز من العزة بين يدي السلطان؟ لقد كان الإمام ربيعة بن أبي عبدالرحمن عزيزاً أمام السلطان لا يخشى كلمة الحق، ولا يهاب جور السلطان.

فلما وقف رحمه الله أمام أمير المؤمنين أبي العباس السفاح أمر له أبي العباس بجائزة، فرفض قبولها، علماً منه أن قبولها معناه الانصياع لأمير المؤمنين في عدله وظلمه، فلما رأى أبي العباس رفضه للجائزة قرر أن يستبدلها بجائزة غيرها، فعرض عليه خمسة آلاف درهم ليشتري بها جارية بتسرى بها رحمه الله، فرفض أيضاً المال حتى لا يكون مكسور العين من السلطان، فلما رأى أبي العباس أمير المؤمنين عزته وأنفته قرر أن يوليه القضاء رحمه الله تعالى، ولكنه للأسف مات قبل أن يحدث هذا بمدينة الأنبار.

أما عن همته في طلب العلم فتأمل معي عزيزي القارئ المشهد الآتي، رجل تزوج امرأة، فحبلت منه، ثم تركها وسافر وما عاد إلا بعد سبع وعشرين عاماً، فلما عاد وجد ابنه جالساً يُعَلِّمُ الناس ملتفين حوله وهو إمامهم، هذا ما حصل للإمام ربيعة، فقد تزوج والداه، وتركه أبوه جنيناً في بطن أمه للجهاد، فما عاد إلا بعد سبع وعشرين عاماً فلما عاد وجد ابنه وهو الإمام أبي ربيعة عالماً ملتفٌ الناس حوله يعلمهم، رحم الله الآمام ربيعة بن أبي عبدالرحمن.