You are currently viewing النسائي كبير أئمة الحديث والفقه وسيرته العطرة

النسائي كبير أئمة الحديث والفقه وسيرته العطرة

اللهم صلى وسلم على خاتم النبين والمرسلين سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه أجمعين، أما بعد في هذه المقالة سوف نتحدث عن أحد أئمة الحديث والفقه وعلماء الجرح والتعديل وأحد المحدثين الملمين بعلل الحديث وأحد أئمة الحديث الذين حافظوا على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحافظوا على أحاديث رسول الله من الضياع ومن أيدي المدلسين، وهو الأمام الحافظ أبو شعيب النسائي رحمة الله عليه.

في هذه المقاله سوف نتناول مقتطفات من سيرته الشريفة مولده ونشأته رحلاته في طلب العلم وانجازاته في الإسلام ومكانته العلمية ووفاته.

مولد النسائي ونشأته

هو الإمام الحافظ شيخ الاسلام الثبت أحد كبار المحدثين الستة، ناقد الحديث الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي صاحب كتاب السنن، كنيته أبو عبد الرحمن، ولد النسائي بمدينة نسا وهي بخراسان سنة 215 هجرياً وهي مدينة تقع بين أيران وأفغانستان لا يعرف الكثير عن بداياته في موطنه وأن دل ذلك دل أنه نشأ في أسرة متواضعة، قال الإمام الذهبي: كان النسائي شيخاً مهيباً، مليح الوجه، ظاهر الدم، حسن الشيبة.

كما قال أيضاً الإمام الذهبي رحمة الله عليه: كان النسائي نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر، له أربع زوجات.

رحل النسائي في طلب العلم منذ أن كان عمره 15 عاماً، إلى خراسان ليتعلم من قتيبة بن سعيد ثم أرتحل بعد ذلك إلى الحجاز والعراق والجزيرة والشام والثغور ثم أستوطن مصر وكان شافعي المذهب وقد ترجم له أصحاب الشافعية في كتبهم لذلك، وبالرغم من أنه شافعي المذهب إلا أنه كان يعارض بعض المسائل في هذا المذهب وذلك لانه صاحب مكانة علمية وغني بالمعرفة والعلم عن أتخاذ جميع مسائل المذهب مسلم بها، فهو كان ذا مكانة علمية ورفعة عند أهل زمانه.

وقد قال تلميذه أبو بكر بن الحداد فيه: (( رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى)).

رحلاته في طلب العلم

قد عاصر الإمام النسائي عشرة من خلفاء بني العباس، وقتل في عهد المقتدر بالله أبي الفضل جعفر بن أحمد المعتضد، ولد الإمام النسائي رحمة الله عليه في أجواء من الأضطراب السياسي حيث قتل ثلاثة خلفاء وعزل الترك ثلاثة أخرين، وفي ظل تلك الفتن، أبتعد عن الخوض في تلك الفتن، فكان لايجالس السلاطين، وهم بطلب العلم وبذل فيه الكثير من الجهد، وقد بدأ الترحال لطلب العلم وهو عمره 15 عاماً فذهب إلى قرية غيلان ليتعلم من قتيبة بن سعيد ومكث عنده عاماً وثلاثة شهور، وكانت الأحوال في بغداد غير مؤهله لطلب العلم بسبب كثرة الفتن، فسافر إلى الحجاز وسمع من الكثير من الشيوخ هناك وتعلم الكثير ثم ذهب بعد ذلك إلى اليمن ثم أنتقل بين الثغور ثم ذهب إلى الشام وأستوطن بها فترة من الزمن، التقى فيها بالكثير من العلماء وأستمد من الكثير منهم علمه ودون أحاديث كثيرة أثناء رحلته.

في هذه الفترة تولى أحمد بن طولون حكم مصر وقضى على الفتن وحركات التعصب والثورات وأصبحت مصر أمنة في هذه الفترة، فأرتحل النسائي للسكن بها حتى يتسنى له تدوين ما تعلمه بعيداً عن الإنقلابات السياسية، كان النسائي يسكن بزقاق القناديل بمدينة الفسطاط  بجوار مسجد عمرو بن العاص، وكان هذا الحي يسكنه صفوة الناس.

تتلمذ على يد

نتيجة لرحلاته الكثيرة التي قام بها في العديد من الأمصار فقد تعلم وسمع الأحاديث من العديد من شيوخ تلك الأمصار ومن هؤلاء الشيوخ.

  1. إسحاق بن راهوية.
  2. هشام بن العمار.
  3. أبي الطاهر بن السرح.
  4. بشر بن هلال الصواف.
  5. سويد بن نصر.
  6. ومحمد بن النضر بن مساور.

وغيرهم الكثيرون والكثيرون في شتى الأمصار التي أرتحل إليها.

تتلمذ على يده

تتلمذ على يده العديد من الطلاب في الفترات التي مكث فيها بالشام ومصر فقد جاء إليه طلاب العلم من شتى الأمصار ليستمعوا للحديث منه، ومنهم.

  1. أبو بشر الدولابي.
  2. أبو علي النيسابوري.
  3. الحسن بن الخضر الأسيوطي.
  4. أبو جعفر الطحاوي.
  5. حمزه بن محمد الكناني.
  6. أبو بكر أحمد بن محمد بن السني.

وغيرهم الكثيرون.

انجازات النسائي في خدمة الإسلام

كان الإمام النسائي من علماء الحديث المشهورين الذين دونوا علمهم وأفادوا الأمة الأسلامية على مدار السنين حتى عصرنا الحالي فقد استمرت سننه على مدار القرون تفيد طلاب الشريعة وأصحاب البحث العلمي وحظى بثناء علماء عصره والأمة الأسلامية جميعها، وترجمت كتبه للعديد من اللغات، فقد كان من الست أئمة الذين حازوا على ثناء الأمة في صحة مؤلفاتهم والذين عملوا بجهد للحفاظ على مورثات الرسول صلى الله عليه وسلم من أحاديث وسنن، وتوافد عليه الطلاب من كافة الأمصار ليدونوا علمه، فحظى بشهرة واسعة في عصره وقدره علماء عصره فهو إمام ثقة ثبت مأمون يقتدى به على مر العصور.

مؤلفاته

  • السنن الكبرى

قد ألف النسائي هذا الكتاب  وقد أحتوى على 10770 حديثاً قسمه على أبواب وكل باب متعلق بمسائل فقهية كما بين فيه العلل والأسانيد وشروحها وأنتقادتها.

  • السنن الصغرى

المعروف أيضاً بالمجتبى وهو كتاب مأخوذ من السنن الكبرى ويحتوي على 5774 حديثاً، وقد قال الإمام السيوطي في مقدمة شرحه: كتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين من حيث الحديث الضعيف، وهو رجلاً مجروحاً ولقد أشتهر النسائي بشدة تحريه عن الحديث وعلله في هذا الكتاب وتحريه أيضاً عن الرجال، وكان شرطه في توثيق الحديث دقيقاً فقد وثقه على طريقة تجمع بين الفقه وفن الأسناد، وفي هذا الكتاب رتب الأحاديث على أبواب ووضع لها عناوين تبلغ درجة كبيرة جداً من الدقة، وبالنسبة إلى قصة هذا الكتاب، قد روى أبن الأثير أن أحد الأمراء على الأرجح أحمد بن طولون سأل النسائي هل كل ماهو في الكتاب صحيحاً ويقصد به السنن الكبرى، فقال له النسائي: لا، فقال له الأمير أخرج لنا الصحيح منه، فقام بعد فترة بأخراج كتاب المجتبى (السنن الصغرى).

  • كتاب تهذيب خصائص الإمام علي بن أبي طالب.

كتبه في صفات الإمام علي بن أبي طالب ةزهده وعبادته.

  • فضائل الصحابة

تكلم فيه عن صفات الصحابة وعبادتهم وفضائلهم وأقوالهم.

  • كتاب المناسك

تكلم فيه عن مناسك الحج والعمره

  • الضعفاء والمتروكين

تناول فيه الضعفاء والمتروكين من رواة الأحاديث وقد جاء تكملة لكتاب البخاري.

  • تسمية مشايخ النسائي الذين سمع منهم، ومعه ذكر: المدلسين منهم

ذكر فيه المشايخ الذي أخذ منهم وأيضاً ذكر الضعيف منهم والمتروك والمدلسين.

  • عشرة النساء
  • المنتقى من عمل اليوم والليلة
  • فضائل القرآن

تناول فيه تفسير الأيات الكريمة وفضائلها.

  • كتاب الأغراب
  • كتاب العلم
  • كتاب النعوت والأسماء والصفات

تكلم فيه عن الأسماء والكنى للصحابة والتابعين وعلماء الأسلام والشيوخ.

  • الإمامة والجماعة
  • صحيح وضعيف سنن النسائي
  • كتاب الجمعة
  • كتاب الوفاة

تكلم فيه عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)

أقوال العلماء والسلف في النسائي

أثنا على النسائي رحمة الله عليه العديد من علماء عصره فقد شهد له الجميع بالإمامة وأخذ عنه العديد والعديد من العلماء والتابعين وترجموا له في كتبهم.

  • قال عنه أبو بكر بن الحداد المصري: (( رضيت به حجة بيني وبين الله تعالى)).
  • قال عنه أبو جعفر الطحاوي: (( إمام من أئمة المسلمين)).
  • قال عنه أيضاً أبو سعيد بن يونس المصري: (( إمام في الحديث ثقة ثبت حافظ)).
  • أيضاً قال عنه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري: (( أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم وأعرفهم بالرجال فهو إمام في الحديث بلا مدافعة)).
  • أيضاً قال عنه أبو علي الحافظ النيسابوري: (( كان من أئمة المسلمين)) ومرة أخرى قال عنه : (( الإمام في الحديث بلا مدافعة)).
  • كما قال عنه أحمد بن نصر الحافظ: (( من يصبر على ما صبر عليه النسائي، كان عنده حديث بن لهيعة ترجمة ترجمة، فما حدث بها، وكان لايرى أن يحدث بحديث بن لهيعة)).
  • كما قال عنه ابن حجر العسقلاني: (( الحافظ صاحب السنن)).
  • أيضاً مدحه الدارقطني فقال عنه: (( مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره)) وأيضاً قال عنه مرة أخرى: (( كان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الأثار وأعلمهم بالرجال، ولا أقدم على النسائي أحداً)).
  • أيضاً مدحه الذهبي فقال عنه: (( حافظ أحفظ من مسلم بن الحجاج)) ومرة أخرى قال عنه: ((الإمام الحافظ الثبت)).
  • قال عنه أيضاً القاسم بن زكريا المطرز: ((إمام أو يستحق أن يكون إماما)).
  • قال عنه الإمام المزي: (( أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين والأعلام المشهورين)).
  • أيضاً قال عنه جلال الدين السيوطي: (( أحد الأئمة المبرزين والحفاظ المتقنين)).
  • كما قال عنه أيضاً محمد بن المظفر الحافظ: (( سمعت مشايخنا بمصر يعترفون لأبي عبد الرحمن النسائي بالتقدم والإمامة)).
  • وأيضاً قال عنه منصور بن عمر الفقيه: (( إمام من أئمة المسلمين)).

قد يهمك أيضا: ابو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أحد فقهاء المدينة

محنته ووفاته

في الفترة التي كان فيها النسائي بمصر قبل وفاته تغيرت الأحوال السياسية والأجتماعية، وقد بدء الضعف يظهر في أوصال الخلافة العباسية من الداخل وكان الخلاف قد دب في المكون العرقي بداخلها سواء كان تركي أو عربي أو فارسي وأصبح أصحاب المصالح يتحكمون بالمناصب العليا وأهدر حقوق البسطاء في عامة الشعب وظهر التعصب السياسي والديني وأصبح السيف هو المتحكم الرئيسي في القول والفعل، وأصبح التنافس بين الأمراء على المناصب وزاد البذخ والترف للأمراء، وظهر التعصب الديني وخصوصاً بالشام فقد ظهرت رذيلة سب الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذلك لنصرة منافسه التقليدي معاوية بن أبي سفيان وظهر الهرج والمرج بين مناصرين علي ومعاوية.

أيقن الإمام النسائي خطورة انتشار تلك الظاهرة في الشام فأرتحل إلى الشام عام 302 هجرياً حتى يتسنى له الحد من حدية هذه الفتنة، وفي ظل هذه الفتنة كتب الإمام النسائي رحمة الله عليه كتابه (خصائص الإمام علي بن أبي طالب).

فأجتمع عليه الجهلاء والغوغاء بالمسجد الأموي وقاموا بسؤاله: لماذا لم يكتب في فضائل معاوية؟، فرد عليهم النسائي رحمة الله عليه: ((ألا يرضى معاوية أن يكون رأساً برأس مع علي حتى يفضل؟)) فلم يعجب هذا الرد الجمهور فألحوا عليه بالسؤال، فرد عليهم بشجاعة: (( لا أجد له إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أشبع الله بطنه.)). فأغضبهم الرد فقاموا بجذبه ودفعه وضربه وأهانته وظلوا يدفعونه بحضنيه وهو شيخ كبير بالسن، وقد قال ابن خلقان: (( تُرك الإمام النسائي وهو الشيخ الكبيرللغوغاء يضربونه ويهينونه، غير آبهين لفضله أو حتى سنه بعد أن بلغ 85 عاماً)).

هذا الرجل الذي أفنى عمره يعلم الأمة مناسكها من خلال كتابه (المناسك)، ثم طردوه من المسجد الأموي، فتحامل النسائي على نفسه ورحل إلى الرملة وهناك مات جراء الأذى الذي تعرض له متأثراً بضربات المتعصبين له بدمشق بالمسجد الأموي وكانت وفاته في الثالث عشر من شهر صفر عام 303 هجرياً، دفع الإمام النسائي حياته ثمناً للتعصب الديني، وقد وصفه الدارقطني: (( كان أعلم من مسلم)).

كما وصفه الذهبي: (( كان بحراً من العلوم ولا نظير له في علمه)).

رحمة الله تعالى على شيخنا الفاضل الإمام الجليل الذي وضعه الله سبباً للأمة الأسلامية للحفاظ على سنن رسولنا الكريم.

قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

المصدر 3

مصدر 4

سير أعلام النبلاء للذهبي.

تهذيب التهذيب لأبن حجر العسقلاني.

البداية والنهاية لأبن كثير.

وفيات الأعيان لأبن خلكان.

تذكرة الحفاظ للذهبي.

المقفي الكبير للمقريزي.

اترك تعليقاً