You are currently viewing الليث بن سعد ونبذه عن حياته وسيرته

الليث بن سعد ونبذه عن حياته وسيرته

في هذا المقال سوف نتحدث عن أحد العلماء الفقهاء الذين ذاع صيتهم أبان العصر الأموي والذين لولا فضلهم لضاعت موروثات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام هناك الكثير من العلماء والفقهاء الذين دونوا الأحاديث وأخلقيات الصحابة في أتابعهم السنة النبوية وتربوا على أخلاقيات النبي الكريم وأتبعوا منهجه وتوارثه التابعين ثم التابعين ولهم الفضل لوصول هذا العلم الفضيل لحياتنا الأن، ومن ضمنهم عالم الفقه في زمانه الإمام الليث بن سعد صاحب الأصول الفارسية، إمام وفقيه أهل مصر، سوف نتحدث في هذا المقال حول نشأته ومولده ومؤلفاته وأنجازاته.

مولد الليث بن سعد

ولد في أحد قرى مصر قرية قلقشندة بمحافظة القليوبية عام 94 هجرياً أبان العصر الأموي وهو من أصول فارسية، وكانت كنيته أبا الحارث، وهو فقيه ومحدث أهل مصر، كان أشهر علماء الفقه في زمانه، وفاق علمه وفقهه الإمام مالك بن أنس، غير أن تلميذه لم يقوموا بتسجيل علمه مثلما فعل تلاميذ الإمام مالك بن أنس، حيث قال الإمام الشافعي فيه:(( الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به)).

بلغ الإمام منزلاً عالية من الفقه والعلم حيث أن الحكام والقضاة كانوا يطلبون مشورته بإستمرار، كما إنه كان كثير الأتصال بمجالس العلم.

فقد قال أبو نعيم عن لؤلؤة الخادم خادم الخليفة هارون الرشيد، إنه قد وقع خلاف بين الخليفة هارون الرشيد وزوجته زبيدة وهي أبنة عمه أيضاً وحدثت مناظرة بينهم وملاجاة في شيء ما، فقال لها هارون الرشيد في عرض كلامه: أنتِ طالق إن لم أكن من أهل الجنة ، وندم على كلامه هذا ندماً كثيراً، وطلب شيوخ وفقهاء الأمة لكى يروا له مخرجاً فأجتمع جميع لفقهاء في المجلس وأختلفوا فيما بينهم حول هذا اليمين وكان جالساً في أخر المجلس الليث بن سعد ولم يتكلم فقال له هارون الرشيد مابالك لا تتكلم فقال له هارون الرشيد أمرك أن تتكلم، فطلب منه الليث بن سعد أن يصرف جميع من بالمجلس فصرفهم الخليفة إلا أنا الخادم، فطلب منه الليث بن سعد أن يقوم بصرفي، فقال له الخليفة هذا الخادم لا يسمع ولا يرى، فطلب منه الليث أن يعطيه الأمان فأعطاه إياه فطلب منه الليث أن يقسم على ذلك على المصحف فأقسم، فقال له الليث أقرأ سورة الرحمن حتى وصل إلى الأية الكريمة (( ولمن خاف مقام ربه جنتان)) فقال له الليث قف ها هنا يا أمير المؤمنين.

فأشتد الأمر على هارون الرشيد، فسأله الليث أتخاف مقام الله؟ فقال نعم، إذاً فإنها جنتان وليس بواحدة، وهنا حل التصفيق من وراء الستار من زوجته من معها، وأمرهارون الرشيد بالكثير من المنح والهدايا للإمام ليث بن سعد.

نشأته

ذهب لمكة ليحج وهو عمره عشرين سنة عام 113 هجرياً وهناك سمع من الكثيرين وتعلم من الكثيرين من فقهاء وعلماء الحجاز.

ومنذ رجوعه من الحجاز وقد علا ذكره وتفرغ للفتي حتى أستقل بالفتوى في زمانه.

تولى قضاء مصر في ولاية حوثرة بن سهل في عهد الخليفة مروان بن محمد وعندما عرض عليه القضاء في عهد أبو جعفر المنصور أعتذر عنها.

تتلمذ على يد

تتلمذ الليث بن سعد على يد الكثيرين من علماء مصر والحجاز منهم.

  1. عطاء بن أبي الرباح.
  2. عبدالله بن أبي مليكة.
  3. وابن شهاب الزهري.
  4. وأبا الزبير المكي.

وغيرهم الكثيرين ممن أستمد علمه منهم وسمع منهم الكثير.

تتلمذ على يده

تتلمذ على يده الكثيرون في مصر وكان مصدراً للفتوى في مصر منهم.

  1. محمد بن عجلان.
  2. عبد الله بن لهيعة.
  3. عبد الله بن وهب.
  4. وأشهب بن عبد العزيز القيسي.

وغيرهم الكثيرون حيث كان مصدر موثوق فيه عند تلاميذه للفتوى وكان مصدر للتشريع عند الحكام.

إنجازاته في خدمة الأسلام

كان لليث مجلساً يقام كل يوم مقسم إلى أربعة أقسام، كان الأول للوالي يساله عن حوائجه فإن أنكر شيئاً عن الوالي أو القاضي يكتب إلى الخليفة فيقوم بعزله، والثاني كان لأهل الحديث فكان يقول نجحوا أصحاب الحوانيت حيث أن الناس كانوا متعلقون بأسواقهم، والثالث للبث في المسائل الفقهية والفتوى فقد كان يغشاه الناس فيسألونه، والرابع كان لأصحاب الحاجات من عامة الناس فلا يرد مسألة أحداً مهما عظمت.

كان غنياً فكان يحصل على ثمانين ألف دينار سنوياً ولكنه كان يخرجها لحوائج الناس.

وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل والسمن وفي الصيف سويق اللوز في السكر.

كان الليث بن سعد حافظاً لحديث رسول الله متحرياً في كل الأمور الفقهية والتشريعية فكان الحكام يستشيرون في أمور القضاء والتشريع.

قال عبد الله بن صالح في الليث: صحبت الليث عشرين سنة لا يتغدى أو يتعشى إلا مع الناس.

وقال قتيبة: جاءت أمرأة إلى الليث بن سعد فقالت له إن لي أبن عليل وأشتهى عسلاً فقال ياغلام أعطها مرطاً من العسل وهو مائة وعشرون رطلاً.

غير أنه ساهم في القضاء حيث تولى القضاء في عهد مروان بن محمد، فقد عرض عليه الخليفة أبو جعفر المنصور ولاية مصر ولكنه رفض حيث قال أنها أكبر منه حيث أنه رجل من الموالي وطلب منه جعفر المنصور مشورته برجل يوليه فقال عثمان بن الحسن الجذامي فهو أصلح مني بالولاية.

لم يدونوا أتباعه مسائله الفقهية فضاع مذهبه بالفقه ولكنهم دونوا حديثه وحدثوا عنه في الأفاق، فأحديثه منتشرة بجميع كتب السنة.

قال عنه الذهبي: كان الليث فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده في الأقليم.

ومؤلفاته جاءت في كتابين.

  1. كتاب التاريخ وتناول فيه الليث بن سعد تفاصيل فتح مصر وأفريقيا.
  2. المسائل في الفقه تناول فيه تفسيراته في أيات الأحكام.

قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف

أقوال السلف عن الليث بن سعد

  • قال أبو نعيم عن حرملة بن يحيى حيث قال: سمعت الإمام الشافعي يقول: الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس.
  • أيضاً قال أحمد بن حنبل: الليث بن سعد كثير العلم صحيح الحديث.
  • أيضاً قال أحمد بن سعد الزهري عن أحمد بن حنبل أنه قال: الليث ثقة ثبت.
  • قال أيضاً علي بن المديني (وهو شيخ البخاري):الليث بن سعد ثبت.
  • وقال يحيى بن معيين (وهو أمام الجرح والتعديل) في الليث: الليث بن سعد ثقة.
  • قال أيضاً أحمد بن صالح في الليث بن سعد: الليث بن إمام قد أوجب الله علينا حقه.
  • كما قال العلاء بن كثير في الليث: الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا.
  • كما قال شرحبيل بن جميل في الليث: إنه أدرك الناس أيام الخليفة هشام بن عبد الملك، وكان الليث وقتها صغير السن، وكان بمصر أيضاً جعفر بن أبي ربيعة والحارث بن يزيد وعبيد الله بن أبي جعفر ويزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة، وكانوا يعرفون عن الليث فضله وورعه وحسن أسلامه وأخلاقه بالرغم من حداثة سنه.
  • كما قال يحيى بن بكير في مدح الليث: ما رأيت أحداً أكمل من الليث.
  • أيضاً قال أحمد بن شعيب النسائي في الليث: أبو الحارث الليث بن سعد مصري ثقة.

قد يهمك أيضا: سالم بن عبدالله بن عمر (علمه – انجازاته في خدمة الإسلام)

وفاة الليث بن سعد

توفي الإمام الجليل الليث بن سعد في مصر في النصف من شهر شعبان عام 175 هجرياً عن عمر يناهز الواحد وثمانون عاماً.

فقد قال خالد بن عبد السلام الصدفي: كانت جنازته عظيمة لم يشاهد مثلها، كان الناس جميعاً عليهم الحزن، يعزون بعضهم البعض ويبكونه، فقال يا أبت ، كأن كل واحد من هؤلاء الناس صاحب هذه الجنازة، فقال : يابني، لا ترى مثله أبداً

رحمة الله تعالى على الإمام الجليل

قد يهمك أيضا: القاسم بن محمد ( علمه – مواقف من حياته – انجازاته في الإسلام)

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

صفة الصفوة، ابن الجوزي.

سير أعلام النبلاء، الذهبي.

وفيات الأعيان، ابن خَلِّكَان.

الوافي بالوفيات، الصفدي.

الأعلام، الزركلي.

هدية العارفين، الباباني.

تاريخ المصريين لابن يونس الصدفي المصري

اترك تعليقاً