سوف نتحدث في هذا المقال عن أحد علماء وشيوخ الحديث، الذين أثنوا عليهم علماء الفقه والحديث من التابعين والأئمة الكبار والذين لهم دور كبير في نقل علم الحديث والسنة النبوية ومورثات الصحابة، وهو الإمام علي بن المديني .
سوف نتناول في هذه المقالة مولده ونشأته وأنجازاته في الإسلام.
علي بن المديني
هو علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح بن بكر بن سعد وكنيته أبو الحسن وأشتهر بلقب أبن المديني نسبة إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد ونشأ بالبصرة لذلك يطلق عليه البصري كما يقال له السعدي نسبة إلى بني سعد.
ولد أبن المديني عام 161 هجرياً بالبصرة وتربى في بيت علم فأبوه وجده من حملة الحديث.
فأبوه عبد الله محدث مشهور روى عن الكثيرين من مشيخة أنس بن مالك، وجده جعفر بن نجيح روى عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
وأبن المديني من أحد أعلام المحدثين الذين أشتهروا بحفظ الحديث ومعرفة علله.
كان علي بن المديني أعلم من الإمام أحمد بن حنبل بأختلاف الحديث.
كان أبصر الناس بعلل الحديث وعلم الرجال فقد قال عنه الإمام الذهبي: (( إليه المنتهى في معرفة علل الحديث)).
وقال الإمام أبو حاتم الرازي عنه أيضاً: (( كان بن المديني علما في الناس في معرفة الحديث وعلله)).
كما قال الحافظ بن حجر : (( أعلم أهل عصره بالحديث وعلله)).
محنة خلق القرأن التي وقع فيها الإمام علي بن المديني
بدأت هذه المحنة في عهد الخليفة المأمون والذي كان يدعوا أن القرأن مخلوق وليس كلام الله وكان يقوم بعرض أفكاره البدعية بطريقة فلسفية وهذه البدعة بدأها الجهم بن صفوان وأمن بها الخليفة المأمون وبدأ في سؤال الناس هل القرآن مخلوق أم منزل من الله، وكان الكثير من القضاة والأئمة يعارضونه وبشدة حول ذلك، وعند وفاة المأمون أوصى المعتصم بتولي نشر هذه الدعوة البدعية، فقام المعتصم بتعذيب الأئمة وجلد وحبس كل من قال أن القرآن منزل من الله، وكان يدعوهم للقدوم فلا يأتون إليه ،وقد كان علي بن المديني ضعيف البنية لا يقدر على التحمل مثلما فعل الإمام الجليل أحمد بن حنبل، فقد قاموا بحبسه ثمانية أشهر في الظلام حتى خاف على بصره، وكان لايقدر على تحمل السوط ، فأستجاب لهم حتى انقضت المحنه وأعلن توبته وأنه كان مجبر على الأستجابة لهم.
تتلمذ على يد
تتلمذ علي بن المدينى على يد الكثير من العلماء الأجلاء الذي أستمد منهم علمه وأفاد به الأمة والتابعين من بعده، منهم.
- حماد بن زيد.
- سفيان بن عيينة.
- ويحيى القطان.
- أبوداود الطيالسي.
وغيرهم الكثيرون.
تتلمذ على يده
تتلمذ على يده من أئمة الجرح والتعديل وعلماء الحديث ، ومن ضمنهم علماء أشتهروا على مر العصور، منهم.
- محمد بن إسماعيل البخاري.
- وأحمد بن حنبل.
- أبو حاتم الرازي.
- وأبو يعلى الموصلي.
وغيرهم الكثيرون.
أنجازاته في خدمة الأسلام
كان علي بن المديني كثير الحفظ للحديث وكان موضع تقدير وأحترام كبار المحدثين، فالجميع أثنوا عليه وعلى سعة علمه وتبحره وتبصره بعلل الحديث، ومعرفة الأحاديث الموضوعة كذباً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أحد أئمة الجرح والتعديل الذين تعلم منهم الكثيرين من الأئمة المشهورين والذين حفظوا علم الحديث وسنن رسول الله وطباع صحابته الكرام من الضياع ، فقد كان إمام حجه مأمون موثوق الكلام والحديث ، عالماً بفرائض دينه وسنن رسول الله، وكان يحترمه الكثير من العلماء ويقدرون علمه ويطلبون حديثه ويدونونه.
وكان علي بن المديني واسع العلم فقد تربى في بيت علم، والفضل يرجع لأبوه وجده فهم من علماء الحديث المشهورين.
بالرغم من وجود الفتن في عصره والتي لازمت علماء هذا العصر إلا أن علمه ظل يحتفظ به الكثير من تلاميذه .
فهو أحد أئمة الجرح والتعديل ألف الكثير من المصنفات في الحديث بالبحث عن علل الحديث.
مصنفاته
- كتاب الأسامي والكنى ثمانية أجزاء.
- كتاب الضعفاء عشرة أجزاء.
- كتاب المدلسين خمسة أجزاء.
- كتاب الطبقات عشرة أجزاء.
- كتاب من روى عن رجل لم يره جزء واحد.
- كتاب علل المسند ثلاثون جزءاً.
- كتاب العلل لإسماعيل القاضي أربعة عشر جزءاً.
- علل حديث بن عيينة ثلاثة وعشرون.
- كتاب من لا يحتج بحديثه ولا يسقط جزئان.
- كتاب من نزل من الصحابة سائر البلدان خمسة أجزاء.
- كتاب التاريخ عشرة أجزاء.
- كتاب من حدث ثم رجع عنه جزئان.
- كتاب يحيى وعبد الرحمن في الرجال خمسة أجزاء.
- سؤالاته يحيى جزان.
- كتاب الثقات والمتثبتين عشرة أجزاء.
- كتاب أختلاف الحديث خمسة أجزاء.
- كتاب الأسامي الشاذة ثلاثة أجزاء.
- كتاب من يعرف باللقب والعلل المتفرقة ثلاثون جزء.
- كتاب مذاهب المحدثين جزئان.
قال أبو بكر: جميع هذه الكتب قد أنقرضت ولم نقف على شيء منها إلا أربعة أو خمس كتب وأن لفي هذه الكتب فوائد جمة لو كنا حصلنا عليها لاكن قاموا بترجمتها لنا الكثير من التابعين وأيضاً تلاميذ الإمام علي بن المديني.
قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف
أقوال السلف في علي بن المديني والتابعين
- قال عنه أبو جعفر العقيلي: (( حديثه مستقيم أن شاء الله تعالى)).
- أيضاً مدحه أبو حاتم الرازي فقال: ((علم في الناس في معرفة الحديث والعلل)).
- قال أبو حاتم بن حبان البستي فيه: ((كان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن رحل وجمع وكتب وصنف وحفظ وذاكر)).
- كما قال عنه أبوداود السجستاني: (( أعلم بأختلاف الحديث من أحمد بن حنبل)) وأيضاً قال عنه مرة أخرى : (( علي بن المديني خير من عشرة ألاف مثل الشاذكوني)).
- أيضاً قال عنه أبو زرعة الرازي: (( لا يرتاب في صدقه)) وبعد محنة خلق القرآن وأستجابته لها أستنكره الرازي وترك الرواية عنه.
- أحمد بن حنبل لم يرو عنه شيئاً بعد المحنة فقد أستنكر كل من أستجاب في تلك المحنة ومن بينهم علي بن المديني، ولاكن في مرة قال حدثنا رجل ثم أمسك لسانه عن ذكر حديثه ولم يحدث عنه بعد ذلك أي شيء.
- قال عنه أبو شعيب النسائي: (( كأن الله خلقه للحديث عابوا عليه إجابته للمحنة لكنه تنصل وتاب وأعتذر بأنه خاف على نفسه)) ومرة أخرى قال: (( ثقه مأمون أحد الأئمة في الحديث)).
- قال عنه أبو الحجر العسقلاني: (( ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله)).
- أيضاً قال الدارقطني: (( من الحفاظ)).
- مدحه الذهبي فقال: ((الشيخ الإمام الحجة، أمير المؤمنين في الحديث )).
- قال عنه المزي: (( الإمام المبرز في هذا الشأن )).
- أيضاً قال عنه سفيان بن عيينه: (( لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني)).
- قال عنه محمد بن صالح جزرة: (( أعلم من أدركت بالحديث وعلله)).
- أيضاً قال عنه عبد الرحمن بن المهدي: (( أعلم الناس بحديث رسول الله)).
- أيضاً مدحه محمد بن إسماعيل البخاري فقال: (( أعلم أهل عصره)) ومرة أخرى قال: (( ما أستصغرت نفسي إلا بين يديه)).
- أيضاً قال عنه يحيى بن سعيد القطان: (( أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني )).
قد يهمك أيضا: سالم بن عبدالله بن عمر (علمه – انجازاته في خدمة الإسلام)
وفاته
توفي علي بن المديني بمدينة سامراء في عام 234 هجرياً، رحمة الله على أمير المؤمنين في الحديث فقد ترك للأمة الأسلامية علمه الكثير فأفاد به أمة الأسلام.
قد يهمك أيضا: القاسم بن محمد ( علمه – مواقف من حياته – انجازاته في الإسلام)
المصادر:
سير أعلام النبلاء
