أبو بكر البيهقي هو إمام المحدثين في عصره، الحافظ المتقن، الفاهم الفقيه، صاحب المؤلفات القيمة، والإمام الذي تتلمذ على يده الكثير من طلاب العلم، وشهد له الشيوخ في عصره بأنه من الثقات، هو أحمد بن الحسين أبو بكر البيهقي، سنتعرف معكم في هذا المقال على بعض تفاصيل حياته.
أبو بكر البيهقي
هو أحمد بن الحسين علي بن موسى الخراساني البيهقي.
يقال له البيهقي نسبة إلى بيهق وهي البلد التي ولد ونشأ فيها.
مولده ونشأته
ولد الإمام البيهقي في شهر شعبان في عام 384 من الهجرة، الموافق عام 994 ميلادي.
وقد نشأ في بيت علم وسعى في طلب العلم وهو صغير، وخاصة علم الحديث فبدأ في سماعه في سن خمسة عشر عام، حتى أنه تحتدث عن نشأته وقال وتعلمه:«إني منذ نشأت وابتدأت في طلب العلم أكتب أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع آثار الصحابة الذين كانوا أعلام الدين، وأسمعها ممن حملها، وأعرف أحوال رواتها من حفاظها، وأجتهد في تمييز صحيحها من سقيمها، ومرفوعها من موقوفها، وموصولها من مرسلها.
ثم أنظر في كتب هؤلاء الأئمة الذين قاموا بعلم الشريعة وبنى كل واحد منهم مذهبه على مبلغ الكتاب والسنة، فأرى كل واحد منهم قصد الحق في ماتكلف واجتهد في أداء ماكلف، وقد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح عنه لمن اجتهد وأصاب أجرين، ولمن اجتهد وأخطأ أجر واحد ولا يكون الأجر على الخطأ وإنما يكون على ما تكلف من الاجتهاد، ويرفع عنه إثم الخطأ بأنه إنما كلف الاجتهاد فى الحكم على الظاهر دون الباطن، والله تعالى وحده هو علام الغيوب.
علم أبو بكر البيهقي
عرف الإمام البيهقي في زمانه بشيخ خرسان النيسابوري الخسروجردي نسبة إلى بلدة قريبة من بيهق، بدأ في سماع الحديث وتلقي العلم في صغره، حيث رحل إلى بلدة نيسابور ينهل من علم شيوخها ويأخذ الحديث من علماءها، وأنعم الله تعالى عليه فسمع الحديث من أبي عبد الله محمد النيسابوري المشهور بالإمام الحاكم صاحب كتاب المستدرك، فاستفاد منه بقدرٍ كبير.
وأيضًا ذهب إلى بلادٍ كثيرة منها خراسان والحجاز والجبال والعراق وغيرهم، يطلب العلم من رواة الحديث فيها، حيث وصل عدد الذين تلقى منهم إلى ما يقارب المائة رجل، وعندما إنتهى من رحلاته وعاد إلى قريته استقر فيها وعكف على تأليف الكتب، فأصبح أعلم المحدثين في زمانه وأحفظهم للسنة، كما حرص أبو بكر على تلقي العلوم وخاصة علم الحديث فقد اعتنى به بشدة وتخصص في السماع عن الشيخ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري حتى تخرج به، كما اعتنى أيضًا بعلوم أخرى منها علم الكلام والفقه،
أقوال العلماء فيه
- لقد عرف عن أبي بكر البيهقي قوة الضبط وشهد له العلماء بالاجتهاد في طلب العلم، حيث قال فيه إمام الحرمين أبو المعالي الجويني( أن ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه، وبسط أقواله وتأييد آرائه)،
- فقال الجليل الذهبي ردًا على الإمام الجويني:( أصاب أبو المعالي هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً يجتهد فيه كان قادراً على ذلك لسع علومه ومعرفته بالاختلاف ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما يصح فيها الحديث).
- وقال الذهبي عنه أيضًا:(هو أبو بكر الفقيه الحافظ الأصولي، الدين الورع، واحد زمانه في الحفظ، وفرد أقرانه في الإتقان والضبط، وهو من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد على الحاكم النيسابوري بأنواع من العلوم).
- كما قال عنه محمد بن جعفر الكتاني:(واتفق الحفاظ على أن تلميذه أبو بكر البيهقي أشد تحريًا منه).
- وأيضًا قال عنه تاج الدين السبكي (كان الإمام البيهقي أحد أئمة المسلمين، وهداة المؤمنين، والداعي إلى حبل الله المتين، فقيه جليل، حافظ كبير، أصولي، نحرير، زاهد، ورع قانت لله، قائم بنصرة المذهب أصولًا وفروعًا، جبل من جبال العلم).
أهم كتاب ألفه البيهقي
ألف الإمام كثيراً من الكتب النافعة ومن أهمها:
كتاب (دلائل النبوة ومعرفة أحوال الصحابة) المختصر باسم دلائل النبوة.
هذا الكتاب هو أحد أفضل وأهم كتب السيرة لأنه عندما يذكر رواية لا يذكرها إلا ومعها الإسناد.
حيث أنه يذكر كل حديث بإسناده ويفرق بين الضعيف والصحيح.
فقد قال الإمام البيهقي في كتابه: (ويعلم كل حديث أوردته قد أردفته بما يشير إلى صحته أو تركته مبهماً وهو مقبول في مثل ما أخرجته وما عسى فيه ضعف أشرت إلى ضعفه وجعلت الإعتماد إلى غيره.
رتب الإمام الكتاب على أبواب السيرة النبوية من مولد النبي صلى الله عليه وسلم حتى وفاته.
وقد خصص هذا الكتاب ليذكر فيه دلائل نبوة النبي فقد قال الإمام عن الجزء الثالث (القصد من هذا الكتاب بيان دلائل نبوته، وإعلام صدقه في رسالته صلى الله عليه وسلم).
إنجازاته في خدمة الإسلام
كان الإمام البيهقي هو أحد أهم أئمة المسلمين في وقته إذا أراد البيهقي أن ينشأ بنفسه مذهباً جديداً لكان باستطاعته أن يفعل ذلك، لكثرة علمه، وسعة أفقه وإتقانه بمعرفة الإختلاف.
كان بارعاً أيضًا في علل الحديث فكان يبين ويكشف جميع معانيه، ويوضح للسامع كل شيء يخص الحديث، فساعده ذلك في تأليف مصنفات كثيرة جمع فيها ما تحصل عليه من علم، حتى أن العلماء في عصره طلبوا منه أن ينتقل من بيهق إلى نيسابور لكي يستفيدوا من هذه المصنفات التي ألفها، فوافق على ذلك وذهب إليها في عام 441 من الهجرة، وتجمعوا حوله في المجلس ليسمعوا منه ويأخذوا من علمه.
كما أنه كان متمكنًا من التوفيق بين ما يعتقد أنه متعارض من الحديث، وتمكن من زيادة أنواع من العلوم على شيخه النيسابوري.
وأيضًا كان يعرف عنه أنه عند تعلمه لأصول الفقه اشتغل على مذهب الشافعية وأصبح ناصرًا له بشدة، وكان له رسائل علمية إلى عددًا من العلماء في وقته يجيب فيها على ما يسأله عنه، وأيضاً رسائل للحكام يدافع فيها عن أهل السنة والجماعة ضد الحملة التي كانت مقامة عليهم في وقتها.
مؤلفات أبو بكر البيهقي
لقد ألف الإمام البيهقي مصناف وكتب كثيرة وقيم نذكر من أهمها ما يلي:
- دلائل النبوة ومعرفة أحوال الصحابة.
- مناقب الإمام أحمد.
- السنن
- السنن الكبرى.
- الأسماء والصفات.
- أحكام القرآن.
بعض شيوخه
لقد إلتقى الإمام بعدد كبير من الشيوخ والعلماء في البلدان الكثيرة التي رحل إليها لطلب العلم نذكر منهم ما يلي:
- أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي.
- أبي عبد الله بن لطيف.
- أبي الحسن بن بشران.
- أبي عبد الله محمد النيسابوري المشهور بالحاكم.
- أبو طاهر الزيادي.
- أبي علي الروذباري.
قد يهمك أيضا: خارجه بن زيد ( علمه وفضله – انجازاته – ثناء العلماء عليه )
تلاميذه
أيضًا كان له الكثير من التلاميذ وطلبة العلم نذكر منهم الأسماء الآتية:
- ولده إسماعيل وحفيده عبد الله.
- عبدالله الفراوي.
- زاهر بن طاهر.
- وعبد الجبار بن عبد الوهاب.
قد يهمك أيضا: سعيد بن المسيب ( نسبه – طلبه للعلم -انجازاته – وفاته)
وفاته
توفى رحمه الله في العاشر من شهر جمادى الأولى لعام 458 من الهجرة، ودفن ببيهق، عن عمر يناهز 74 عام.
قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف
المصادر: