ابن حزم القرطبي هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الأندلسي القرطبي فهو ظاهري منهجا، كان جده هو مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب، لذلك سوف نتحدث عن حياته بالتفصيل.
ابن حزم القرطبي
ولد ابن حزم في يوم السابع من نوفمبر عام 994 ميلادية في مدينة قرطبة الأندلس، وعاش أول فترة من حياته في قصر أبيه الذي كان في تلك الفترة وزير من وزراء المنصور بن أبي عامر، وقد نشأ وتربى في تلك الفترة على يد جواري القصر، وقد نشأ في أسرة مسلمة.
جده كان يعيش في الشام وقد شارك في العديد من الفتوحات الإسلامية، وكانت أسرته تحتل مكانة عالية ورفيعة في الأندلس فقد امتلكت أسرته قرية كاملة وهي منت ليشم، وقد تعلم المنطق وعلم الحديث والفقه الشافعي على يد كبار شيوخ قرطبة.
بعد أن تعلم مذهب الشافعي انتقل إلى الظاهري وعرف باسم ابن حزم الظاهري، كما عان ابن حزم من نار الفتنة التي قد اشتعلت ولفترة في قرطبة، وبالتحديد في الفترة التي كان يكتب فيها كتابه طوق الحمامة في الألفة والألاف.
لكنه ترك قرطبة وهاجر إلى ألمرية وذلك بسبب أنه انشغل بالسياسة والنضال من أجل إعادة الدولة الأموية في الأندلس، وقد تعرض لعذاب كبير وللنفي إلى أن تم بالفعل إسقاط الدولة الأموية في الأندلس بشكل نهائي، منذ هذه اللحظة فرغ ابن حزم نفسه للعلم والدين والتأليف.
شيوخه
- أحمد بن محمد بن سعيد بن الجسور القرطبي.
- مسعود بن سليمان بن مفلت الشنتريني القرطبي المعروف باسم أبي الخيار.
- القاضي أبو بكر حمام بن أحمد الأطروش القرطبي.
- أبو علي الحسين بن سلمون.
- محمد بن الحسن الرازي الصوفي.
تلاميذه
- أبو بكر عبد الباقي بن محمد بن بريال الحجاري.
- محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن حميد الأزدي.
- عبد الملك بن زيادة بن علي بن حسين الحماني القرطبي.
- أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي.
غزارة علم ابن حزم القرطبي
كان ابن حزم مجتهد وإمام حافظ، كما أنه كان شافعي الفقه واتفق مع العقيدة السلفية في بعض الأمور من توحيد الأسماء وأيضا الصفات لكنه خالفهم في الأشياء الأخرى، وله الكثير من الردود على أهل الشيعة واليهود و النصارى وأيضا الصوفية.
كان يعرف ابن حزم في الأصل بالمذهب الظاهري، هذا المذهب كان يرفض القياس الفقهي وهو الذي يعتمد عليه الفقه الإسلامي التقليدي كما أنه كان ينادي بوجوب دليل شرعي من القرآن الكريم أو السنة النبوية لتثبت هذا الحكم.
كما أنه كان يتمسك بأهل السنة والكتاب وأيضا إجماع الصحاب، فهو لا يقبل القياس والمصالح المرسلة والاستحسان، كان يمتلك علم غزير في الفقه وعلم الحديث، فكان يقول:
الأصل في كل بلاء وعناء وتخليط وفساد اختلاط الأسماء، ووقوع اسم واحد على معاني كثيرة، فيخبر المخبر بذلك الاسم، وهو يريد أحد المعاني التي تندرج تحته، فيحمله السامع على غير ذلك المعنى الذي أراد المخبر فيقع البلاء والأشكال.
مؤلفات ابن حزم القرطبي
أما بالنسبة لمؤلفاته فكان له الكثير من المؤلفات والمصنفات، منها ما هو موجود حتى الآن ومنها ما تم فقده وهلاكه، ومن أهم هذه المصنفات هي:
- الإحكام في أصول الأحكام.
- أسماء الصحابة والرواة.
- منظومة في قواعد أصول فقه الظاهرية.
- التلخيص لوجوه التخليص.
- جمهرة أنساب العرب.
- ديوان ابن حزم.
إنجازاته في خدمة الإسلام
تولى ابن حزم وزارة للمرتضى في بلنسية وعندما هزم المرتضى وقع ابن حزم في الأسر وكان ذلك في عام 409 هجرية، ثم أطلق سراحه وذهب إلى قرطبة مرة أخرى.
بعد ذلك تم تعيينه وزير لصديقه عبد الرحمن المستظهر وكان ذلك في رمضان عام 412 هجرية، لكنه ظل فقط في هذا المنصب ما يقرب من شهر ونصف فقد تم قتل المستظهر في نفس العام وتم سجن ابن حزم، وقد عفوا عنه بعد ذلك.
يعتبر ابن حزم القرطبي درة من درر تاريخ الأندلسي إن كان السياسي أو الأدبي أو الفكري، فقد عاش أغلب حياته في التغلب على المحن والصعاب، وناضل كثيرا فكره وقلمه لفترة لا تقل عن 40 عام، لكن فقهاء عصره حنقوا عليه كثيرا وألقب ضده الحاكم وأيضا المسلمين، وتم حرق مؤلفاته الثمينة ومزق الكثير منها بإشبيلية.
قد يهمك أيضا: القاسم بن محمد ( علمه – مواقف من حياته – انجازاته في الإسلام)
أقوال العلماء عنه
- قال عنه أبو القاسم صاعد بن أحمد في طبقات الأمم: أن ابن حزم كان أجمع أهل الأندلس في علوم الإسلام وكان أوسعهم، كما كان علمه واسع في علم اللسان والبلاغة والشعر وأيضا السير، فقد أخبرني ابنه الفضل أنه قد اجمع بخط أبيه من تأليفه ما يقرب من 400 مجلد يبلغ عدد أوراق المجلدات إلى حوالي 80 ألف ورقة.
- كما قال ابن خلكان عنه: أنه كان حافظا عالما بعلوم الحديث مستنبطا للأحكام بالتحديد في الكتاب والسنة، وأنه كان شافعي المذهب وقد انتقل إلى مذهب أهل الظاهر كما كان متفننا في علوم كثيرة، كما كان زاهدا بعلمه في الدنيا بعد الرياسة التي كانت لأبيه ثم له في الوزارات المختلفة، كما أنه كان متواضع وله الكثير من المؤلفات وقام بجمع الكتب الخاصة بعلم الحديث والمصنفات والمسندات شيئا كثيرا.
- كما أنه ألف في فقه الحديث وألف كتاب سماه الايصال إلى الفهم، وكتاب الخصال الجامعة نحل شرائع الإسلام في الواجب والحلال الحرام والإجماع والسنة، وذكر فيها أقوال الصحابة والتابعين ثم أئمة الإسلام رضي الله عنهم جميعا، كما له كتاب في مراتب العلوم وأيضا كيفية طلبها وتعلق بعضها ببعض.
وقيل عنه أيضا:
- كما قيل عنه: أنه ألف كتاب إظهار تبديل اليهود للتوراة والنصارى للإنجيل، وبيان ناقص ما بأيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل، وكان ذلك لأول مرة ولم يسبق لأحد أن يقوم بتأليف كتاب كهذا، وأيضا ألف كتاب التقريب بحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية، فلا يمكننا حصر الكتب والمؤلفات له، ذلك بسبب ما تم حرقه وما تم تمزيقه.
- قد قال ابن المفلح عنه: أنه كان في منتهى الذكاء والحفظ وكثرة العلم كما كان متفننا في علوم كثيرة، كان على دراية كبيرة في المنطق وعلم الحديث والفقه، فقد شرح المجلى في 12 مجلد ومن طالعه كتابه فقد وجد فيه تأدبه التام مع الإمام أحمد ومتابعته.
- كما قال العز بن عبد السلام عنه: أني ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغنى لابن قدامة.
- كما قال ابن بشكوال عنه: أنه كان أجمع أهل قرطبة لكافة علوم الإسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم يسمى علم اللسان، كما كان له حظ كبير في البلاغة والشعر والمعرفة بالسير.
قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف
وفاة ابن حزم القرطبي
لقد توفي ابن حزم القرطبي الأندلسي مشردا من قبل ملوك وسلاطين عصره في بلد تسمى لبة، تعرض في حياته لفترة كبيرة من الظلم بسبب انشغاله بالسياسة في تلك الفترة، وكان وفاته في آخر النهار في يوم الأحد في عام 456 هجرية، وكان يبلغ من العمر حوالي 72 عام إلا شهر تقريبا.
قد يهمك أيضا: سالم بن عبدالله بن عمر (علمه – انجازاته في خدمة الإسلام)
المصادر:
كتاب الظاهرية والمالكية وأثرهما في المغرب والأندلس في عهد الموحدين
كتاب تاريخ أهل الظاهر
كتاب التدوين التاريخى عند ابن حزم
