السخاوي هو شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي، فهو مؤرخ عظيم وكبير وعالم حديث وتفسير وأيضا أدب شهير فهو من مؤرخي عصر المماليك، فهو من مواليد مدينة القاهرة لذلك سوف نتعرف على حياة السخاوي بالتفصيل.
السخاوي
لقد ولد شمس الدين السخاوي في شهر ربيع الأول عام 83 هجرية يوافق عام 1427 ميلاديا، ولد في حارة بهاء الدين بالقرب من مدرسة شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وأيضا بالقرب من باب الفتوح القاهرة، ثم انتقل بعد ذلك لبيت آخر ليجاور بيت ابن حجر العسقلاني.
أرسله والد للمؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسى وظل عنده لفترة قصيرة، ثم انتقل بعد ذلك إلى أبوه قم إلى زوج أخته الفقيه حسين بن أحمد الأزهري، فهو كان من أصحاب الشيخ يوسف الصفي المالكي لذلك قرأ عنده القرآن الكريم.
غزارة علم السخاوي
السخاوي يمتلك كثير من العلم بسبب حفظه للقرآن الكريم واستكمل علوم التجويد منذ سن صغير، كما حفظ فوائد ونوادر في الأدب وأيضا حفظ الكثير من الأحاديث، هذا ما جعله متميز في شتى العلوم، فكما نعلم أن السخاوي قد نشأ في بيئة ساعدته على أن يتعمق في علوم الدين.
يتميز السخاوي بأنه ذكي وفطن فقد قرأ على الشيخ الزين عبد الغني الهيثمي رواية ابن كثير كاملة، كما أنه سمع منه الكثير من الروايات السبعة والعشرة وقرأها على الشيخ الزين رضوان العقبي، والشيخ الشهاب السكندري وغيرهم من المشايخ التي كانت معروفة في عصره.
حفظ السخاوي القرآن الكريم وكان عمره صغير جدا، وأدى مناسك الحج في عام 85 هجرية كما أنه جاور عام ست وسبع وقد أقام منهما حوالي 6 أشهر بالمدينة المنورة، ورجع وحج في عام 92 هجرية وجاور سنة ثلاث و أربع، ثم عاد وحج عام 96 هجرية وجاور إلى أثناء سنة ثمان.
ذهب إلى المدينة بعد ذلك وأقام بها لمدة أشهر وصام رمضان وهو متواجد بداخلها، لكنه عاد إلى مكة في شهر شوال وظل هناك لمدة، ثم عاد إلى المدينة وجاور بها حتى توفي سنة 902 هجرية يوم الأحد من شهر شعبان، وقد تم دفنه بالفعل في البقيع.
ثم سمع المسلمين كثيرا عن السخاوي بسبب سفره الدائم ونشره لعمله الغزير بين المسلمين، ووصل الأحاديث إلى أستاذه وشيخه ابن حجر العسقلاني الذي توفي قبله عام 852 هجرية، ذهب إليه السخاوي ولام شدته وقد حمل عنه الكثير وظل معه حتى وفاته فقد أخذ عنه الكثير، وهذا أبسط شيء يمكن أن يقدمه المرء لشيخه وأستاذه الجليل.
كما أنه تتلمذ على يد كبار العلماء في مصر في شتى العلوم الدينية في الفقه وعلم الحديث والتجويد وهذا ما جعله من أشهر علماء عصره، كما كان عند السخاوي عادة وهو كلما حفظ كتابا عرضه على الشيوخ عصره ومنهم:
شيوخه
- الشمس بن عمار المالكي.
- المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي.
- الشيخ النور التلواني.
- الجمال عبد الله الزيتوني.
- الشيخ الزين عبادة.
- أبو الجيوش عساكر بن علي الشافعي.
- الحافظ أبو الطاهر السلفي.
- ابن طبرزد.
- أبو اليمن الكندي.
- أبو القاسم الخزرجي الأنصاري.
تلاميذه
- الشيخ زين الدين الفارقي.
- الجمال ابن كثير.
- الرشيد ابن المعلم.
- الخطيب شرف الدين الفزاري.
- محمد بن قايماز الدقيقي.
مؤلفات السخاوي
لقد ترك لنا السخاوي الكثير من المؤلفات في علم الحديث وفي علم التاريخ والتراجم، ومن أهم هذه المؤلفات هي:
في الحديث:
- الغاية في شرح الهداية في علم الرواية لابن الجزري.
- الجواهر المكللة في الأحاديث المسلسلة.
- شرح التقريب والتيسير لمعرفة البشير والنذير للنووي.
- شرح الشمائل النبوية للترمذي.
في التاريخ والتراجم:
- الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع.
- التبر المسبوك في ذيل السلوك جعله تتمة لكتاب السلوك للمقريزي.
إنجازاته في خدمة الإسلام
قدم السخاوي الكثير للإسلام وجاء ذلك بسبب سفره الكثير لعدد كبير من البلدان الإسلامية، ففي مصر سافر إلى عدة مدن كالمنصورة والرشيد ودمياط، ثم اتجه إلى مكة ثم إلى المدينة ليسافر بعد ذلك إلى دمشق وحلب وبيت المقدس ونابلس، وفي كل بلد يذهب إليها يقابل كبار العلماء ويأخذ عنهم الكثير، ويعلم المسلمين الكثير عن دينهم الحنيف.
كل بلد وكل قرية يذهب إلى كان يدرس فيها ويتعلم علوم جديدة عن الدين ويقوم أيضا بتعليمهم العلوم التي تعلمها من كل الشيوخ، تمكن السخاوي من علوم الحديث والقراءة والنحو والفقه وأيضا علوم البلاغة والتصوف، لم يترك علم إلى عرف عنه الكثير، وساعد على نقله لأكبر عدد من الأشخاص، ظل يسافر وينتقل لفترة كبيرة.
حافظ السخاوي على مكانته العلمية والدينية العظيمة ونفوذه القوي بعيدا عن السياسة وعن المناصب، ثم اقترح عليه أحد أصدقاءه الأمير يشبك أن يقرأ عن التاريخ لكنه رفض، ثم عرض عليه أن يتولى منصب القضاء لكنه أيضا رفض ورشح له السيوطي رغم منافسته معه ورغن الخصومات الأدبية التي تدور بينهم.
قد يهمك أيضا: ابان بن عثمان (علمه – حياته – انجازاته – مرضه ووفاته)
أقوال العلماء عنه
تحدث العلماء كثيرا عن السخاوي وذلك بسبب منزلته العالية ومكانته وعلمه الغزير، ومن أقوال العلماء عنه:
- قال ابن العماد الحنبلي عنه: انتهى إليه علم الجرح والتعديل، حتى قيل له: لم يكن بعد الذهبي أحد يسلك مسلكه وطريقه.
- كما ذكره الشوكاني في ترجمته في البدر الطالع: بالجملة فهو من الائمة الأكابر حتى قال تلميذه الشيخ جار الله بن فهم كتبه عقب ترجمة صاحب الترجمة لنفسه في الضوء اللامع ما نصه: فقال تلميذه الشيخ جار الله ن فهم المكي عن شيخه: أن شيخنا هو صاحب الترجمة حقيق بما ذكره لنفسه من الأوصاف السنة، والله العظيم لم أر في الحفاظ المتأخرين مثله، ولا أعلم الآن من يعرف علوم الحديث مثله ولا أكثر تصنيفا ولا أحسن، وكذلك أخذها عنه علماء الآفاق من المشايخ والطلبة والرفاق، وكان له اليد الطولى في المعرفة بأسماء الرجال وأحوال الرواة والجرح والتعديل، كما قال بعض العلماء عنه أنه لم يأت بعد الحافظ الذهبي مثله سلك هذا المسك وبعده مات فن الحديث وأسف الناس على فقده ولم يخلف بعده مثله.
- كما قال الشوكاني عنه أيضا: لو لم يكن لصاحب الترجمة من التصانيف إلا الضوء اللامع لكان أعظم دليل على إمامته.
قد يهمك أيضا: عروة بن الزبير (علمه – مواقف من حياته – انجازاته – وفاته)
وفاته
السخاوي كان يقيم في القاهرة ثم قرر السفر إلى مكة لأداء الحج وكانت هي المرة السابعة، ثم عكف بعد أداء الفريضة على الإقراء وأيضا الدروس، وقد تردد بين مدينتي مكة والمدينة المنورة، ثم استقر في المدينة المنورة وظل هناك يمارس الإقراء والدروس حتى توفي يوم الأحد 28 من شهر شعبان عام 902 هجرية، يوافق 1497 ميلاديا.
كان يبلغ من العمر حوالي 71 عام، وتم دفنه في البقيع بجوار مشهد الإمام مالك رحمة الله عليهم رحمة واسعة، مهما تحدثنا لا يمكننا أن نعرض كافة النواحي العلمية والأدبية والنقدية وشخصية السخاوي، فالسخاوي كان عالم ديني من الطراز الرفيع أعطى للإسلام الكثير فهو كان من أعظم الشخصيات الإسلامية المصرية بالتحديد في القرن التاسع ميلادي.
قد يهمك أيضا: سليمان بن يسار (علمه – انجازاته – مواقف من حياته)
المصادر:
السخاوي: الابتهاج بأذكار المسافر والحاج
السخاوي: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع
ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب