ولد أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في عام 157 هجرية، وهو عالم لغة وفقه كان إمام من أئمة التعديل وعاش في القرن الثاني والثالث هجريا، سوف نتعرف على حياته بالتفصيل وسيرته حتى تاريخ وفاته.
سيرة أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي
ولد القاسم بن سلام في مدينة هرات في أفغانستان سنة 157 هجريا، طلب أبو عبيد العلم وسمع الحديث ودرس الفقه والأدب، سافر الي العراق في عام 176 هجريا، ذهب أبو عبيد إلي خراسان عام 191 هجريا، حيث كان يعمل مؤدبا لأبناء هرثمة بن أعين أحد ولاه هارون الرشيد، وأدب ولد ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي.
لما ولي ثابت طرسوس عام 192 هجريا، أمسك أبي عبيد القضاء بطرسوس ثماني عشرة عام، انشغل في كتابه الحديث وقد ذهب إلى مصر مع يحيى بن معين عام 213 هجرية.
لما عاد الي بغداد في أحد حملات طاهر بن الحسين إلى خراسان مر بغداد وطلب من يفقه في ندبوا إليه أبي عبيد، فأعجب الطاهر بعمله، لم يحمله في حملته واصطحبه في طريق عودته، أبو عبيد قام بتألف كتابا أهداه إلي عبد الله بن طاهر، فيحمل إليه مالا كثيرا استحسانا لذلك.
روي عن
- ابن الأعرابي .
- أبي عبيدة معمر بن المثني.
- أبي زيد الأنصاري محمد بن الحسن الشيباني.
- أبي عمرو الشيباني.
- القاضي أبي يوسف.
روي عنه
- الحارث بن أبي أسامة.
- أبو بكر بن أبي الدنيا.
- الحسين بن مكرم.
- أحمد بن يوسف التغلبي.
- أحمد بن القاسم.
هناك من أخذ عنهم القرآن الكريم
- أبو بكر إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر.
- أبو نعيم شجاع بن ناصر.
- أبو وليد هشام بن عمار.
هناك من أخذ عنهم الفقه
لأبي عبيد الكثير من آراء الفقه وهو كان شافعي المذهب وقد أخذ الفقه من بعض علماء الفقه وهما:
- الإمام محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان.
- أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري.
- أبو عبد الله محمد بن الحسين .
إنجازاته في الإسلام
ألف أبو عبيد الكثير من الكتب منها:
- كتاب في الفقه في مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي وعمل على جمع الشواهد والأدلة وتحسين اللغة والنحو، أيضا له كتاب الأموال يعتبر من أفضل الكتب في الفقه وأحسنه.
- كتاب في الأمثال فقام بتأليف كتاب (غريب الحديث) وذكر فيها الأدلة وإسناد، فأحبه أهل الحديث، وأيضا كتابه في (معاني القرآن) حدث بنصفه.
- كتاب الأمثال السائرة حيث قام أبي عبيد، بجمع أمثال العرب، وقسمها إلى أبواب بحسب الموضوعات وأقوال العلماء، مع تفسيرات وتعقيبات قليلة، وكان الكتاب مادة جيدة لمن بعده فتعلموا منه مثل كتاب(شرح أمثال أبي عبيد) لأبي المظفر محمد بن أدم الهروي.
- كتاب الغريب المصنف، توسع أبو عبيد في كتابه هذا وكتب فيه كل ما يتعلق عن أسماء وصفات المخلوقات ذلك بحسب المعنى، حيث قد نال الكتاب إعجاب علماء اللغة والذين سعوا جاهدين لحفظه عن ظهر قلب من جمال وروعة هذا الكتاب.
من اهتمام العلماء بهذا الكتاب وضعوا له الشرح والانتقادات مثل كتاب(شرح الغريب المصنف) لابن سيده الأندلسي، والرد على الغريب المصنف لأبي نعيم الأصفهاني.
حيث قام أحد ملوك الأندلس وكلف أبي بكر الزبيدي بحصر الألفاظ اللغوية التي في الكتاب وكان عددها حوالي 17970 لفظا لغويا.
غزارة علم أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي
مال أبو عبيد في كتابته إلي مذهب مالك والشافعي، فهو كان إمام من الأئمة وكان يتنقد ويضعف حجج الشيعة و الجهمية وكان يرى أن لا يجاورهم المسلمين، وكان أبي عبيد له علم وسع في علم اللغة، إلا أنه لم يوفق في وقوع رواية لأبي عبيد في كتب السنة.
ونقل عنه أبو داود في تفسير الزكاة، ونقل البخاري عنه في كتاب(أفعال العباد)، ونقل ياقوت الحموي في معجمه عن كتاب(مراتب النحويين) لأبي الطيب عبد الواحد اعتمد على كتاب (الغريب المصنف) علي كتاب اجمعه رجل من بني هاشم جمعه لنفسه.
وأخذ الاصمعي ووضع فيها وأضاف إلي كتابه من علم أبي زيد الأنصاري وروايات عن اللغويين الكوفيين.
أما كتب ( غريب الحديث) واعتمد فيه على كتاب أبي عبيدة معمر بن المثنى في غريب الحديث الذي اعتمد عليه أيضا أبو عبيد في غريب القرآن.
قال أبو الطيب أن أبي عبيد لم يكن ملم بعلم الإعراب، وقد أبدي أبو عبيد بعض من آرائه في العقيدة والتوحيد في كتابه ( الإيمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته).
فقال إن الإيمان يزيد و يقل وأن الذنوب لا تزيل الإيمان ولا تفرض الكفر، كما قال عن صفات الله أن الله أعلم في الحقائق وأنها لا يشبه بالتأكيد صفات المخلوقين.
في مسائله القرآن قال أبو عبيد أن القرآن كلام الله وليس كلام مخلوق، يجب مراجعة القائلين غير ذلك إلا وجب قطع أعناقهم.
قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف
أقوال حكماء المسلمين عنه
قال الجاحظ: لم يكتب الناس أصح من كتبه، ولا أكثر فائدة منه، وقال إسحاق بن راهويه: يحب الله الحق وأبو عبيد أعلم مني ومن أحمد بن حنبل ومحمد بن إدريس الشافعي.
قال هلال بن العلاء الرقي: من الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم، الشافعي فقه الحديث و أحمد أبن حنبل ثبت في المحنة لولا ذلك كفر الناس، ويحيى بن معين نفى الكذب عن حديث، وأبي عبيد القاسم بن سلام في الغريب من حديث لولا ذلك اقتحم الناس الخطأ.
سأل أحد عن الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد فقال: أما أفهمهم فالشافعي وأنه قليل الحديث وإن أروعهم فأحمد بن حنبل، وأكثر حفظا فإسحاق، وأما أعلمهم بلغات العرب فكان أبو عبيد.
قال عبد الله بن طاهر: الناس أربعة، ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، وأبو عبيد القاسم بن سلام في زمانه.
قال القاضي أحمد بن كامل: كان أبو عبيد فاضلا في دينه وعلمه، ربانيا متقن في أصناف علوم الإسلام من القراءات والفقه والعربية والأخبار، حسن الرواية صحيح النقل ولا أعلم أحدا من الناس طعن عليه في شيء من أمر دينه.
قال ابن خلكان في ترجمته لأبي عبيد: كان ذا دين وسيرة جميلة ومذهب حسن وفضل بارع.
قال يحيى بن معين: أبو عبيد ثقة، وقال الدار قطني: ثقة إمام جبل، وقال الجاحظ: لم يكتب الناس أصح من كتبه، ولا أكثر فائدة.
كما كان ابن حنبل يستحن علم أبي عبيد ويحسن ذكره.
قد يهمك أيضا: القاسم بن محمد ( علمه – مواقف من حياته – انجازاته في الإسلام)
وفاة أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي
حج أبو عبيد في عام 219 هجرية ثم نوى الرجوع إلى العراق، ولما رأى رؤيا تنهاه عن الرجوع إلي العراق، ظل في مكة وتوفي في محرم عام 224 هجرية في خلافة المعتصم بالله العباسي، وكان عمره حوالي 57 عاما.
دفن في مكة، ولم تذكر الكتابات شيئا عن أسرته أو حياته الاجتماعية، وذكر كتاب التراجم أن أبي عبيد يخضب بالحناء الرأس وكان ذو وقار كما ذكر أنه كان يقسم الليل إلى ثلاثة، فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويكتب الكتب في ثلثه.
وقد تألم عبد الله بن طاهر لوفاته ورثاه قائلا:
- يا طالب العلم قد مات ابن سلام وكان فارس علم غير محتشم
- مات الذي كان فينا ربع أربعة لم يلق مثلهم إستار أحكام
- خير البرية عبد الله أولهم وعامر ولنعم الثني يا عام
- هما اللذان أنافا فوق غيرهما والقسمان ابن معن ابن سلام
- فازا بقدح متين لا كفاء له وخلفاكم صفوفا فوق أقدام
قد يهمك أيضا: الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )
المصادر: