أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي هو ثاني الأئمة الأربعة ذلك عند أهل السنة، فهو صاحب مذهب المالكي في الفقه الإسلامي، فقد اشتهر بعلمه الغزير وحفظه للأحاديث النبوية الشريفة، وكان معروف بالذكاء والهيبة والأخلاق الحسنة.
نسبه
أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر، واسمه نافع بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث ذي أصبح بن مالك بن زيد بن قيس بن صيفي بن حمير الأصغر بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ.
أما جده فهو مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري وكان هذا الرجل من كبار التابعين، فقد روي عن سيدنا عمر بن الخطاب سيدنا عثمان بن عفان والسيدة عائشة أم المؤمنين، وأبي هريرة وحسان بن ثابت وطلحة بن عبيد الله وعقيل بن أبي طالب.
كان جده أحد الأربعة الذين حملوا سيدنا عثمان إلى قبره في الليل وقام بغسله ودفنه، وقد روى أن سيدنا عثمان قد قام بغزو إفريقيا وهو من قام بجمع الصحف، فكان جده من المسلمين الذين قاموا بكتابة المصاحف، وقد كان الخليفة عمر بن عبد العزيز باستشارة في أمور كثيرة وقد توفي جده في عام 94 هجرية.
أما أمه فهي العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزدية، وتعد قبيلة الأزد من أشهر القبائل العرب وتنسب هذه القبيلة إلى الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان، فهي تلتقي من زوجها أنس فهم من عرب اليمن.
أما الجد الكبير أبا عامر فقد نزل المدينة لكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان من التابعين المخضرمين وهناك رواية أخرى تقول أنه لم يكن من الصحابة ولم يذهب إلى المدينة المنورة، بل ذهب إليه أبنه مالك وقد قال ابن عبد البر أن قدم مالك بن أبي عامر إلى المدينة وكان متظلما من بعض ولاة اليمن، فجلس هناك وصار منهم.
مولده ونشأته
لقد اختلف عدد كبير من علماء المسلمين حول العام الذي ولد فيه الإمام مالك، فهناك من قال أنه قد ولد عام 90 هجرية وقيل أنه ولد عام 94 هجرية، وهناك من قال أنه ولد عام 95 هجرية وأخيرا هناك من قال أنه ولد عام 98 هجرية، لكن الرأي لأغلب العلماء أنه قد ولد في عام 93 هجرية، وكان في هذا التوقيت خلافة أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وولد في المدينة المنورة وقد ولد بذي المروة وكانت قرية تقع بوادي القرى وكان بين خيبر وتيماء، وكان لمالك أربعة أولاد هم: محمد حماد وفاطمة ويحيى.
قد نشأ الإمام مالك في بيت وقد اشتغل بعلم يسمى علم الأثر، وكان علم الأثر له علاقة بالأثر والحديث، ولكن بيته كان منشغلا أكثر بعلم الحديث وأيضا أخبار الصحابة وكل ما يخص فتاويهم، فكان جده من كبار التابعين ومن كبار علماء المسلمين.
أما أبوه أنس فلم يكن يشغله الحديث كثيرا، فلا تجد أن مالك قد روى عن أبيه إلا خبر واحد فقد وقد يشك في نسبته إليه فهو لم يشغله علم الحديث، فكان يكتفي بعلم جده وكان يكفي أنه من مقام رفيع وأنه من أسرة مشهورة بالعلم، بينما كان أخوه هو النضر بن أنس ملازما لعلماء الإسلام وكان يأخذ منهم الكثير.
مالك قد حفظ القرآن الكريم بالكامل وكان ذلك في صدر حياته، فكما هو معروف في المجتمعات الإسلامية يتم تربية الطفل على دينية ثم يبدأ في حفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، فكان في المدينة موعظ كبير ومشجع لذلك قد اقترح على أهله أن يذهب إلى مجالس أهل العلم والعلماء ليكتب ويتعلم أكثر.
ففرحت أمه وشجعته على الذهاب، وألبسته أحسن الثياب وأيضا عممته وقالت بعد ذلك أذهب أكتب وتعلم، وكانت تشجعه أن يذهب إلى ربيعة ليتعلم من أدبه وذلك قبل علمه.
شيوخ أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي
فهو تتلمذ على يد كبار العلماء وهم:
- ربيعة محسن.
- ابن هرمز.
- نافع.
- أبو زناد.
- الإمام جعفر الصادق.
تلاميذه
قد تتلمذ على يده الكثير من المسلمين وهم كالآتي:
- محمد بن إدريس الشافعي وهو صاحب مذهب الشافعي.
- عبد الله بن وهب.
- عبد الرحمن بن القاسم.
- أشهب بن عبد العزيز القيسي.
- عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون.
- أسد بن الفرات
إنجازاته في الإسلام
الإمام مالك له عدد كبير من المؤلفات من أهمها كتابه الشهير الموطأ، هذا الكتاب الذي قد طبقت شهرته الآفاق وقد اعترف الأئمة له بالسبق على كل الكتب الخاصة بالحديث إن كان في عهده إلى عهد الإمام البخاري.
غزارة علم أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي
يمتلك أبو عبد الله علم لا يمتلكه شخص على الأرض، فهو يمتلك قوة صبر كبيرة كما أنه بارع في توصيل العلم للشباب، كما أنه يتميز بصبره الكبير لكي يتلقى العلم من كبار العلماء، فكان ينتظر الإمام مالك في طقس شديد البرودة أمام منزله لكي يتلقى العلم منه.
كما أنه قادر على حفظ الأحاديث النبوية بشكل دقيق وسريع، كما أنه يقوم بتسمعيه دون أي خطأ، كما أنه يمتلك فراسة كبيرة وذكاء عالي يميزه عن أي شخص مسلم أخر.
ما قيل عنه
- قال الإمام الشافعي عنه: أن ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك وكان كتاب الموطأ، وكان في رواية أخرى أكثر صوابا أن هذا القول قبل ظهور صحيح البخاري.
- قال البخاري عنه: أن كل الأسانيد صحيحة مالك عن نافع عن ابن عمر، وقد ورد هذا الإسناد في الموطأ.
قد يهمك أيضا: سالم بن عبدالله بن عمر (علمه – انجازاته في خدمة الإسلام)
صفاته وأخلاقه
قد اشتهر الإمام مالك بعدة صفات جوهرية من أهمها:
- الصبر: كما عرف عنه أنه يمتلك قوة صبر كبير ويتحمل الصعاب والشدائد، فقد روى عنه أنه قد باع خشب سقف بيته كل هذا في سبيل العلم، وكان الإمام مالك يتتبع العلماء وينتظر خروجهم من المسجد، وكان يجلس في الخارج في طقس شديد البرودة أمام باب شيخه.
- قوة الحفظ: كان يتميز بأنه قوي في الحفظ فكان يستمع بحرص شديد ووعي كامل، فكان يستمع إلى مجموعة من الأحاديث دفعة واحدة، ثم يقوم بتسميعها دون أن يخلط في أي حديث.
- الفراسة والذكاء: كان يعرف بأنه ذكي وقوي ولديه فراسة، فقد قال أحد تلاميذه أنه يمتلك فراسة لا تخطئ أبدا.
قد يهمك أيضا: ابو سلمه بن عبد الرحمن بن عوف
وفاة أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي
قد مرض الإمام مالك لمدة 22 يوم ثم توفي فقد توفي حسب أكثر الآراء عام 179 هجرية، فقد اختلف العلماء في الوقت فقد كان الرأي الأكثر أنه توفي في الليلة 14 من ربيع الثاني.
لكن هناك رواية عن بكر بن سليم الصراف قال: أننا دخلنا على مالك في بيته التي قبض فيه، وقولنا له أ أبا عبد الله كيف تجدك؟ فقال: ما أدرى ما أقول لكن، ألا إنكم ستعاينون غدا من عفو الله ما لم يكن لكن في حساب، وقال: ما برحنا حتى أغمضناه وتوفي يوم الأحد في ربيع الأول لعام 179 هجرية.
وقد صلي عليه أمير المدينة وهو عبد الله بن محمد بن إبراهيم وقد حضر جنازته ماشيا، كما أنه حمل نعشه وكانت وصية الإمام مالك أن يكفن في ثياب بيضاء وتم تنفيذ وصيته وتم دفنه بالبقيع، رحمة الله عليه عالم في علم الحديث.
قد يهمك أيضا: سعيد بن المسيب ( نسبه – طلبه للعلم -انجازاته – وفاته)
المصادر: