لقد أنعم الله على امتنا الاسلامية بالكثير من الأئمة والعلماء والفقهاء والذين أناروا حياتنا بالعلم والدين كما أفادوا المجتهدين في دراسة العلم بعلم غزير، كما أنعم الله علينا أيضاً بالمحدثين والذين نقلوا حديث النبي صلي الله عليه وسلم علي مر الأزمنة، ويعتبر أبو سعيد الرازي واحداً من أبرز هؤلاء المحدثين الذين حدثوا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، وخلال هذه المقالة سنتعرف علي شخصية أبو حفص بن شاهين بشئ من التفصيل وسنعرض لكم نبذة عن حياته وبعض أعماله الجليلة الذي قدمها للاسلام.
أبو حفص بن شاهين
هو الإمام والمحدث والعلامة وصاحب التصانيف أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن أيوب بن أزداذ البغدادي، كان من أهم المحدثين علي مر تاريخ الدين الإسلامي إذ حدث عن كثير من الأئمة والفقهاء وحفظ الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة فحظي بمكانة عظيمة في السيرة الاسلامية.
مولده ونشأته
ولد أبو حفص بن شاهين كما كتب والده بخط يديه في صفر سنة 297 ه ونشأ نشأة دينية خالصة فتربي منذ حداثته على الدين وآدابه وأخلاقه الحميدة فكان من طالبي العلم وكان من أنصار الإسلام ومريدي التفقه فيه، حفظ أبو حفص بن شاهين القرآن الكريم وجالس كبار فقهاء وأئمة بلدته فأخذ عنهم علماً كثيراً في الفقه.
وسمع أبو حفص بن شاهين في الحديث أيضاً منذ صغره فكما قال هو : أول ما كتبت الحديث بيدي في سنة ثمان وثلاثمائة وكان حينها يبلغ من العمر إحدي عشر سنة فقط، وأفسحت له كتابته للحديث منذ صغره مجالا واسعاً لدراسة الحديث وتدبر آياته ومعانيه والإلمام بمقاصده النبيلة فكان من حدثي الثقة ومن الفقهاء والأئمة في زمانه.
كما ارتبط أبو حفص ابن شاهين منذ صغره أيضاً بشيوخه فأخذ عنهم العلم والحديث بنهم وكان من أمهر الرواه والحافظين فكان يحفظ الكثير من الأحاديث بالمسند والمتن الخاص بها فكان أكثر من محدث وطالب تقليدياً للدين.
علم أبو حفص بن شاهين
ارتحل أبو حفص بن شاهين بعد الثلاثين من عمره فكان ثقة مأمون وصنف ما لم يصنفه أحد من قبله، فتعلم الكثير من علوم الدين والدنيا، فبداية من حفظه للقرآن الكريم ودراسته لتفسيره والإلمام بمعانيه وتدبرها.
وكان أبو حفص بن شاهين أيضاً عالماً في الفقه فأخذ كثيراً من علم الفقه ممن جالسهم من علماء وفقهاء عصره كما أبدع أبو حفص بن شاهين في دراسة الحديث النبوي الشريف وتعلمه وحفظه فحفظ الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة كما تعلم أبو حفص ابن شاهين قواعد اللغة العربية نحوفاً وصرفاً وبلاغة ويظهر ذلك فيما قدمه من مصنفات ثمينة بأسلوب علمي وأدبي محترف
أقوال العلماء فيه
لقد تباينت آراء العلماء والفقهاء في شخصية ابن شاهين، ومن بعض ماقيل عنه:
- قال فيه أبو الفتح بن أبي الفوارس : ” لقد كان أبو حفص بن شاهين ثقة مأمون وصنف ما لم يصنفه أحد من المحدثين “
- وقال فيه أبو بكر الخطيب : ” لقد كان أبو حفص ثقة أمينا، وكان يعيش بالجانب الشرقي “
- وقال الأمير أبو نصر : ” إن ابن شاهين هو الثقة الأمين، حيث سمع بالشام والبصرة والعراق وفارس وجمع التراجم والأبواب، وصنف كثيرا من الكتب والمؤلفات “.
- وقال عنه الخطيب : ” خبرنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي، أن ابن شاهين يوماً قال: أول ما كتبت كان سنة ثمان وثلاثمائة، و قد صنف أبو حفص بن شاهين ثلاثمائة مصنف، وأول حديثه كان بالبصرة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة “.
- وقال فيه الخطيب : ” لقد سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عمر الداوودي يقول: سمعت أبا حفص بن شاهين يقول : لقد حسبت يوماً ما اشتريت به الحبر في هذا الوقت، فكنت قد اشتريت حبراً بسبعمائة درهم، فقال الداوودي: لقد كنا نشتري أربعة أرطال من الحبر بدرهم واحد، وأضاف: وبعدها كتب أبو حفص زمنا طويلاً “
- وقال عنه حمزة السهمي : ” لقد سمعت الدارقطني يوماً يقول: إن ابن شاهين يلح على الخطأ وهو ثقة صدوق “
- وقال فيه أبو الوليد الباجي : ” إن أبو حفص بن شاهين ثقة “
- وقال عنه أبو القاسم الأزهري : ” لقد كان ابن شاهين ثقة، وكان عنده سبعمائة جزء عن البغوي “
- قال الخطيب : وسمعت محمد بن عمر الداوودي ، يقول : ابن شاهين ثقة يشبه عامة الشيوخ لكنه كان لحانا، وكان أيضا لا يعرف في الفقه قليلا أو كثيرا، وكانت إذا ذكرت له المذاهب كالشافعية وغيرها كان يقول أنا محمدي المذهب
- وقال عنه الداوودي : ” لقد رأيت ابن شاهين وقد اجتمع مع الدارقطني يوما ما، فما نطق حرفاً في حضرته
- وقال عنه الذهبي: ” لم يكن الرجل بارعاً في غوامض الصنعة، لكنه كان راوية الإسلام، فرحمه الله رحمة واسعة “
إنجازات أبو حفص بن شاهين في خدمة الإسلام
لأبو حفص بن شاهين الكثير من الإنجازات في خدمة الدين الإسلامي إذ تكمن أعظم إنجازاته فيما روي من حديث نبوي شريف أفاد به الأمة الإسلامية جميعاً، فحدث عن كثير من الأئمة والمحدثين فكان نعم العالم والمحدث كما كان من متدبري الحديث والباحثين في معانيه وأصوله.
ولم تقتصر انجازته علي ما روي من حديث نبوي فقط بل امتدت لتشمل أيضاً ما ألفه من مصنفات ثمينة منشورة إلي يومنا هذا ومفيدة للباحثين في علوم الدين والحديث وأصوله كما أفاد الإسلام أيضا بما أسسه من جيل من المحدثين الذين رووا عنه الحديث فأحسنوا في روايته وتدبره.
مؤلفاته
ترك ابن شاهين العديد من المؤلفات القيمة والتي لازالت تخدم كافة المسلمين وطلاب العلم و دارسي الحديث والمجتهدين فيه إلي يومنا هذا، فكتب تصنيفات عدة في أكثر من قضية في الإسلام، ومن بعض المؤلفات الثمينة التي تركها والمنشورة إلي يومنا هذا :
- تفسير ابن شاهين
- كتاب فضائل شهر رمضان لابن شاهين
- كتاب حديث عمر بن أحمد
- كتاب تاريخ أسماء الثقات
- كتاب شرح مذاهب أهل السنة
- كتاب الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك
- كتاب فضائل سيدة النساء
بعض شيوخه
- أبا علي محمد بن سليمان المالكي
- أبا بكر محمد بن محمد الباغندي
- أبا القاسم البغوي
- أبا خبيب العباس بن البرتي
- أبا بكر بن أبي داود
- شعيب بن محمد الذارع
قد يهمك أيضا: الإمام الزهري التابعي (علمه – ثناء العلماء عليه – انجازاته )
بعض تلاميذه
- أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق رفيقه
- أبو سعد الماليني
- أحمد بن محمد العتيقي
- أبو محمد الجوهري
- الحسن بن محمد الخلال
- أبو طالب العشاري
قد يهمك أيضا: القاسم بن محمد ( علمه – مواقف من حياته – انجازاته في الإسلام)
وفاته
توفي ابن شاهين توفي سنة 385 ه تاركاً خلفه إرثاً إسلامياً كبيراً مما ألف وصنف من كتب فأفاد بها الكثير من طالبي العلم والدين وأفاد أيضاً المسلمين كافه بها، كما كان قيمة علمية كبيرة في الحديث وعلوم الدين الأخري فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
قد يهمك أيضا: سالم بن عبدالله بن عمر (علمه – انجازاته في خدمة الإسلام)
المصادر:
سير أعلام النبلاء للذهبي